قال القرطبي في تفسيره: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (استدل جماعة من العلماء بهذه الآية على أن الإمام يكون من أهل العدل والإحسان، والفضل مع القوة على القيام بذلك, وهو الذي أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألا ينازعوا الأمر أهله، فأما أهل الفسوق والجور والظلم فليسوا بأهله) (?) , وفي الآية إشارة إلى أن الإمامة والعدل فيها، أمانة وعهد، والجور والظلم فيها، خيانة لذلك العهد وهذا يقال في كل ولاية شرعية، يقول الشيخ رشيد رضا في تفسيره لهذه الآية: «الولاية العامة الشرعية حق أهل الإيمان والعدل، والله تعالى لن يعهد بإمامة الناس وتولي أمورهم للظالمين، فكل حاكم ظالم فهو ناقض لعهد

الله تعالى» (?).

إن وجود الحاكم الصالح ضرورة إسلامية لتدعيم الدولة الحاكمة بما أنزل الله، ولذلك نجد أن الشريعة الإسلامية قد أوجبت تنصيبه، بحيث توافر الإجماع على ذلك منذ عهد الصحابة (?)، بلا خلاف معتبر, والأصل في وجوب تنصيب الإمام، أن الصحابة لما اختلفوا في سقيفة بني ساعدة، قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، دفعهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وقالوا: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش، ودارت بين الفريقين محاورات ومناظرات انتهت إلى مبايعة أبي بكر - رضي الله عنه - خليفة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , فلولا أن الإمامة واجبة لما ساغت تلك المحاورة والمناظرة، ولقال قائل: ليست في قريش

ولا غيرهم (?).

لقد كان إجماع الصحابة على ضرورة تنصيب خليفة مستمدا من نصوص الكتاب والسنة الواضحة الدلالة على هذا الوجوب (?)، وحسمت الشريعة أمر الإمامة بكل وضوح، فجعلت شروطا في الإمامة، وزادت الشريعة من ضبط هذا الأمر بأن جعلت أمر الترجيح بهذه الشروط راجعا إلى خاصة الأمة المعروفين بـ (أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015