ثانويا، نظروا فيها بناء على ما قرروه وأصلوه، ولأجل ذلك كان علماء السلف الصالح يطلقون على أهل البدع وفرق الضلالة لفظة «أهل الأهواء» (?)، بل كانوا يطلقونها على كل من خرج عن موجب الكتاب والسنة من العلماء والعباد (?).
ولذلك فكل مخالف لما بعث الله به رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأوامر والنواهي، والعبادات، والطاعات إنما يكون متبعا لهواه، ولا يكون متبعًا لدين شرعه الله تبارك وتعالى (?).
والهوى من الأسباب التي لأجلها خالفت كثير من الأمم أنبياءها فاستكبروا ولم يقبلوا الحق والهدى والنور الذي جاءتهم به أنبياؤهم، عليهم السلام.
قال تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [المائدة: 70].
إن الله تعالى ذكر داود عليه السلام وبيَّن في كتابه أسباب المحافظة على التمكين وذكر من ذلك الابتعاد عن الهوى, قال تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26].
يقول ابن تيمية - رحمه الله -: «ونفس الهوى - وهو الحب والبغض الذي في النفس- لا يلام عليه، فإن ذلك قد لا يملك, وإنما يلام على اتباعه» (?).
وقال في موضع آخر: «ومجرد الحب والبغض هوى، لكن المحرم اتباعه حبه وبغضه بغير هدى من الله» (?).