أن يضموا إلى موكب الإيمان وقافلة الدعوة مثل هذا الرجل المخلص لَدلَيل على نصر الله لهم وتمكين دعوتهم وظهور حجتهم. إن دعوة الله يستجيب لها من اتصف بصفة الرجولة, وهناك فرق بين الرجولة والذكورة، فإن الذكورة تقابل الأنوثة، فالزوجان هما الذكر والأنثى.
والذكورة صفة جسدية بدنية ليس إلا؛ لكنّ الرجولة تشير إلى الشدة والقوة والتحمُّل والشجاعة والثبات، فهي تشير إلى صفات نفسية، ومزايا معنوية، وفضائل أخلاقية.
ولعله لأجل هذا وردت صفة الرجولة في مقام مدح وثناء وإشارة، قال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ ... } [القصص: 20].
وقال تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:20].
وقال تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [غافر:28].
وقال تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب: 23].
وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ - رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: 36، 37].
وقال تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُّحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
إن خطوة ذلك الرجل المؤمن تعتبر موقفًا إيمانيًا عظيمًا، وتدل على أن الحياة فعلاً مواقف، وأن الرجال بمواقفهم لا بأعمارهم، لقد آمن في وقت المحنة والشدة والابتلاء، واتَّبع المرسلين وهم مستضعفون، وتحدى بذلك القوة المادية الغاشمة، وأعلن عن إيمانه وطلب أن يسمعوه، مع أنه يرى الخطر أمامه،