الساعي، وعلى هذا ففي قوله: {مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ" بلاغة باهرة، فهو يدل على أن إنذار الرسل قد بلغ إلى أقصى المدينة.
الثاني: أن ذكر قصة الرجل المؤمن بالمرسلين تسلية لقلوب أصحاب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتثبيتهم على الدعوة، كما كان ذكر الرسل الثلاثة تسلية لقلب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
2 - في تنكير {رَجُلٌ" فائدتان وحكمتان:
الأولى: أن يكون تعظيمًا لشأنه، أي رجل كامل في الرجوليّة.
الثانية: أن يكون مفيدًا لظهور الحق من جانب المرسلين، حيث آمن رجل من الرجال لا معرفة لهم به، فلا يقال إنَّهم تواطأوا.
3 - في قوله: {يَسْعَى" تبصير للمؤمنين وهداية لهم، ليكونوا في النصح باذلين جهدهم، ساعين فيه، مقتدين بالرجل الذي جاء يسعى.
4 - في قوله: {يَا قَوْمِ" معنى لطيف, حيث يشير إلى إشفاقه عليهم، وإضافتهم إليه دليل على أنه لا يريد بهم إلا خيرًا.
5 - في قوله: {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" دعوة منه لهم إلى اتباع المرسلين، ولم يقل: اتبعوني كما دعا مؤمن آل فرعون في سورة غافر، وذلك لأنه جاء من أقصى المدينة، ولم يكن معهم ولا بينهم، فدعا إلى اتباع المرسلين الذين أظهروا لهم الدليل، وأوضحوا لهم السبيل.
6 - جمع في قوله: {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" بين إظهار النصيحة في قوله: {اتَّبِعُوا" وإظهار الإيمان في قوله: {الْمُرْسَلِينَ" وقدّم النصيحة على الإيمان لكونه أبلغ في النصح.
7 - في قوله: {اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ" معنى حسن لطيف، واستخدام لأحسن الأساليب في النقاش والجدال والإقناع، حيث نزل فيه درجة لإقناعهم، وكأنه يقول لهم: افترضوا أنهم ليسوا مرسلين ولا هداة، ولكنهم