الباب الثانى
شروط التمكين
وأسبابه
إن الاستخلاف في الأرض, والتمكين لدين الله, وإبدال الخوف أمنًا, وعد من الله تعالى متى حقق المسلمون شروطه. ولقد أشار القرآن الكريم بكل وضوح إلى شروط التمكين, ولوازم الاستمرار فيه.
قال تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور:56،55].
لقد أشارت الآيات الكريمة إلى شروط التمكين وهي: الإيمان بكل معانيه وبكل أركانه, وممارسة العمل الصالح, بكل أنواعه, والحرص على كل أنواع الخير وصنوف البر, وتحقيق العبودية الشاملة, ومحاربة الشرك بكل أشكاله وأنواعه وخفاياه, وأما لوازم استمرار التمكين فهي: إقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, وطاعة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأما ما يتعلق بأسباب التمكين, فقد أمر الله تعالى بالإعداد الشامل في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60].
والإعداد في حقيقته أخذ بالأسباب, فالإعداد المطلوب من خلال مفهوم الآية إعداد شامل؛ لأن كلمة قوة جاءت نكرة في سياق الأمر, فيشمل قوة العقيدة والإيمان, وقوة الصف والتلاحم, وقوة السلاح والساعد.
إن الآية الكريمة تفتح أذهان المسلمين على الإعداد الشامل؛ المعنوي والمادي, العلمي والفقهي على مستوى الأفراد والجماعات, وتدخل في طياتها
الإعداد