4 - كان القوم مُهددين بيأجوج ومأجوج, مُعرَّضين لإفسادهم, ولم يحمهم منهم إلا الله ببناء السد, فكان السد رحمة من الله لهم, وكان خلاصًا لهم وإنقاذًا بإذن الله, فلو لم يتم بناء السد, ولو بقى أولئك القوم يَشكون ويندبون, بدون عمل ولا جهد ولا حركة, لما أنقذوا أنفسهم من الخطر, لأن الإنقاذ لا يتم إلا بالعمل والجهد المتواصل, وتكاتف الجهود, والانقياد الطوعي للشعوب لشرع الله خلف القيادة الربانية (?).

5 - {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [الكهف:98].

لقد أعلن ذو القرنين ما يؤمن به من أن الجبال والحواجز والسدود ستدك عندما يحين وعد الله الذي لا يتخلف.

رابعًا: المفاهيم الحضارية والدروس والعبر:

أ- المفاهيم الحضارية:

إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك (?) (ذي القرنين) مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس, فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة الربانية التي تقوم على شرع الله وتحكيمه بين العباد, فمن أهم هذه الركائز: الإيمان, العدل, العمل, وإنها لصفات لابد منها حتى يستقيم أمر الشعوب, ويأمنوا بحق على أنفسهم, وأموالهم, وأعراضهم, وأديانهم, وعقولهم, فالإيمان بالله ربًا يجعل الحاكم يحرص على أن يستقي أوامره وتشريعاته من منهج الله, الذي لا شطط فيه ولا خلاف, ولا إفراط ولا تفريط, ولا غلو ولا جفاء, ويكون بعيدًا كل البعد عن هواه, فلا يظلم ولا يبطر ولا يتحكم في رقاب الناس وأمنهم بدون وجه حق, والعدل لابد منه لأنه مركب النجاة, وأمان أهل الأرض, والثقة بين الراعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015