مقابل خراج يدفعونه إليه في أموالهم, ونظرًا لأن القضية التي وضعها ذو القرنين نصب عينيه هي الإصلاح ومقاومة الفساد والشر, والحكم بالعدل بين الناس, ولم يكن همه جمع المال أو قصد العلو في الأرض بإذلال الشعوب, فقد رفض عرضهم, وتطوع بإقامة السد على أن يتطوعوا هم من جانبهم بتقديم الجهد البشري, فمنه الخبرة والتصميم والإشراف, وعليهم الطاقة العمالية والمواد الأولية المتوافرة في بلادهم (?).
ونلاحظ من السياق القرآني أن هؤلاء القوم اتصفوا بصفات منها:
1 - هم قوم متخلفون: {لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً" وهذا إما معناه أنهم لا يفقهون لغة غيرهم من الأقوام الأخرى, لأنهم لم يطَّلعوا عليها ولم يتعلموها, فهم منغلقون على لغتهم فقط, وإما معناه أن الكلام لا ينفع معهم, لأنهم لا يفقهون ولا يتفاعلون معه, ولا يتفاهمون مع قائله, لا يفعلون هذا لجفاء وغلظة عندهم, أو لغفلة وسذاجة في طبيعتهم.
2 - هم قوم ضعفاء, ولذلك عجزوا عن صد هجمات يأجوج ومأجوج, والوقوف في وجههم, ومنع إفسادهم.
3 - هم قوم عاجزون عن الدفاع عن أرضهم, ومقاومة المعتدين, ولذلك لجأوا إلى قوة أخرى خارجية, قوة ذي القرنين, حيث طلبوا منه حل مشكلاتهم والدفاع عن أراضيهم.
4 - هم قوم اتكاليون كسالى, لا يريدون أن يبذلوا جهدًا ولا أن يقوموا بعمل, ولذلك أحالوا المشكلة على ذي القرنين, وأوكلوا إليه حلها, أما هم فمستعدون لدفع المال له (?).
لقد كان فقه ذي القرنين في التعامل مع الشعوب المستضعفة هو السعي الجاد