والراجح من هذه المعاني هو المعنى الأول للفقه، الذي هو مطلق الفهم، ويقال فقه بكسر القاف: أي فهم، وفَقُهَ بالضم: صار الفقه له سجية وملكة، وفَقَه بالفتح: سبق غيره إلى الفهم. (?)
ب- المعنى الاصطلاحي للفقه:
يراد بالفقه في اصطلاح الفقهاء والأصوليين: العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. (?) أو هو: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية. (?)
ج- التطور التاريخي لكلمة (فقه):
أذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لبعض الصحابة في الاجتهاد بعد أن توافرت فيه شروطه وبسبب ابتعادهم عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتعذر مراجعتهم له حين حدوث الواقعة كمعاذ بن جبل رضي الله عنه (?) حين بعثه إلى اليمن معلمًا وقاضيًا, وكان الصحابة الذين يجتهدون في بعض الوقائع الخاصة يعرضون اجتهادهم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنية إقرارهم أو توجيههم إلى الصواب، ومع ذلك لم يشع إطلاق اسم الفقهاء عليهم، وإنما كانت هذه الكلمة ترد في توجيهات الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى ألسنة الصحابة والتابعين، وكان معناها عندهم يقصد به أصحاب الفطنة والبصيرة النافذة في أحكام الدين ومعاني النصوص من الكتاب والسُنَّة، ففي الحديث يقول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نضر الله امرأً سمع منا حديثًا فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه» (?)، فذل الحديث على تفاوت الناس في فهم معاني النصوص وما ترمى إليه عند استخلاص الأحكام منها. (?)