الْجَدِّ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، فَمَتَى حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخَ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ، وَالْجَدُّ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ نَقَضْنَا هَذَا الْحُكْمَ، وَإِنْ كَانَ مُفْتِيًا لَمْ نُقَلِّدْهُ. وَمِثَالُ مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ مَتَى حَكَمَ حَاكِمٌ بِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ فِي حَقِّ مَنْ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ، فَالصَّحِيحُ لُزُومُ الثَّلَاثِ لَهُ، فَإِذَا مَاتَتْ أَوْ مَاتَ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِالتَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا نَقَضْنَا حُكْمَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ صِحَّةُ اجْتِمَاعِ الشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ؛ لِأَنَّ حِكْمَتَهُ إنَّمَا تَظْهَرُ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ الشَّرْطُ لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ مَعَ مَشْرُوطِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّرْعِ شَرْطًا، فَلِذَلِكَ يُنْقَضُ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ التَّمْثِيلُ بِهَا.

وَمِثَالُ مُخَالَفَةِ النَّصِّ إذَا حَكَمَ بِشُفْعَةِ الْجَارِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَارِدٌ فِي اخْتِصَاصِهَا بِالشَّرِيكِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ، فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ. وَمِثَالُ مُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ قَبُولُ شَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالْكَافِرُ أَشَدُّ مِنْهُ فُسُوقًا وَأَبْعَدُ عَنْ الْمَنَاصِبِ الشَّرْعِيَّةِ فِي مُقْتَضَى الْقِيَاسِ، فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْعُلَمَاءِ: إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُنْقَضُ إذَا خَالَفَ الْقَوَاعِدَ أَوْ الْقِيَاسَ وَالنَّصَّ، فَالْمُرَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مُعَارِضٌ رَاجِحٌ عَلَيْهَا أَمَّا إذَا كَانَ لَهَا مُعَارِضٌ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إذَا كَانَ وَفْقَ مُعَارِضِهَا الرَّاجِحِ إجْمَاعًا كَالْقَضَاءِ بِصِحَّةِ عَقْدِ الْقِرَاضِ، وَالْمُسَاقَاةِ وَالسَّلَمِ وَالْحَوَالَةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ وَالنُّصُوصِ وَالْأَقْيِسَةِ، وَلَكِنْ لَا دَلَالَةَ خَاصَّةً مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَالنُّصُوصِ وَالْأَقْيِسَةِ.

فَصْلٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ حَكَمَ بِالْعُمْرَى الْمُعَقَّبَةِ وَجَعَلَهَا لِلْمُعْمَرِ، وَلِعَقِبِهِ فَلَا يَرُدُّهَا هَذَا الْحُكْمُ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَا قَالَ مُطَرِّفٌ.

وَقَالَ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ حُكَّامُنَا بِالْمَدِينَةِ، وَكَذَا قَالَ لِي أَصْبَغُ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَإِنْ كُنْت قَدْ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: فَاَلَّذِي يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَيَرْفَعُ أَمَرَهُ إلَى مَنْ لَا يَرَى أَلْبَتَّةَ فَجَعَلَهَا وَاحِدَةً فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يُقَرُّ إذَا حُكِمَ بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَلَسْت أَرَاهُ وَأَرَى أَنْ يُقَرَّ كُلُّ قَضَاءٍ قُضِيَ بِهِ مِمَّا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ كَائِنًا مَا كَانَ، مَا لَمْ يَكُنْ خَطَأً بَيِّنًا لَمْ يَأْتِ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ أَحَدٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015