{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95] ، أَيْ لِيَذُوقَ جَزَاءَ فِعْلِهِ وقَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} [المجادلة: 2] إلَى قَوْلِهِ: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] ، ثُمَّ شَرَعَ كَفَّارَةَ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ} [المجادلة: 3] إلَى قَوْلِهِ: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [المجادلة: 4] وقَوْله تَعَالَى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] الْآيَةَ.

وَقِصَّةُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ: «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ غِفَارٍ أَقْبَلَا يُرِيدَانِ الْإِسْلَامَ، حَتَّى إذَا كَانَا قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَةِ أَمْسَيَا فَبَاتَا، وَأَتَى أُنَاسٌ يَظْهَرُونَ إلَى الْمَدِينَةِ فَبَاتُوا قَرِيبًا مِنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ السَّحَرِ قَامُوا لِيَذْهَبُوا فَقَعَدُوا قَرِيبًا مِنْ الْإِبِلِ، فَاتَّهَمُوا الْغِفَارِيَّيْنِ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَبَسَ الْوَاحِدَ وَأَرْسَلَ الْآخَرَ، فَوَجَدَهُمَا قَرِيبًا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي بَاتُوا فِيهِ فَأَتَوْا بِهِمَا. فَقَالَ الْغِفَارِيَّانِ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ كُنَّا لَبَرَاءً، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اسْتَغْفِرُوا لِي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: غَفَرَ اللَّهُ لَك، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَلَك يَغْفِرُ اللَّهِ وَقَبِلَك اللَّهُ فِي سَبِيلِهِ وَقَالَ لِلْآخَرِ: اسْتَغْفِرْ لِي فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنْ كُنَّا لَبَرَاءً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ اسْتَغْفِرْ لِرَسُولِ اللَّهِ وَيْحَك، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَك، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .

وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنْ أَخْذِ الرَّجُلِ بِجَرِيرَةِ غَيْرِهِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «أَنَّ ثَقِيفَةَ كَانَتْ حُلَفَاءَ لِبَنِي غِفَارٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ وَمَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ بِمَ أَخَذْتنِي وَأَخَذْت سَابِقَةَ الْحَاجِّ، فَقَالَ أَخَذْتُك بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك ثَقِيفٍ قَدْ كَانُوا أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يَمُرُّ بِهِ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ إنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ كُنْت قُلْت ذَلِكَ وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْت، فَفَدَاهُ النَّبِيُّ بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015