لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِمَا، وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ، وَأَمَّا إنْ سَافَرَ الْقَاضِي قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: أَوْ مَرِضَ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي مَكَانِهِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيُنَفِّذُ أُمُورَهُ، وَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا عَلَى مَنْ اسْتَقْضَاهُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَسْتَخْلِفُ، وَإِنْ سَافَرَ أَوْ مَرِضَ إلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ، وَكَأَنَّهُ رَآهُ وَكِيلًا مَخْصُوصًا، وَفِي الْمَازِرِيِّ: فَإِنْ فَعَلَ فَقَضَاءُ الْمُسْتَخْلَفِ لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا أَنْفَذَهُ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي نَائِبِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ بِصِفَاتِ الْقَضَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَّا إذَا كَانَ مُسْتَخْلَفًا فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهَا، وَإِنْ اُسْتُخْلِفَ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ مِثْلَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ وَالنَّقْلِ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَّا مَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ خَاصَّةً.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ نَائِبًا عَلَى النَّظَرِ فِي الْمَنَاكِحِ وَمَا يُضَافُ إلَيْهَا مِنْ فَرْضِ النَّفَقَاتِ، وَعَلَى الْحِسْبَةِ وَعَلَى النَّظَرِ فِي الْأَحْبَاسِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَى إذْنِ الْخَلِيفَةِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا أَرْسَلَ الْقَاضِي إلَى الْفَقِيهِ وَقَالَ اُنْظُرْ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَمْضِ مَا تَرَى فَذَلِكَ جَائِزٌ مَاضٍ، وَكَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سُلْطَانٌ مُتَّصِلٌ يَصْحَبُهُ بَعْدَ مَا يَقُومُ مِنْ مَجْلِسِ حُكْمِهِ بِمَنْزِلَةِ مُشِيرٍ أَمْضَى الْقَاضِي رَأْيَهُ فَلَزِمَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ لَهُ بَعْدُ أَمْرٌ إلَّا بِتَجْدِيدٍ وَأَجَلٍ حَادِثٍ مِنْ الْقَاضِي، وَلَيْسَ يُسَمَّى هَذَا قَاضِيًا، وَلَا عَامِلًا، وَلَا سُلْطَانًا، وَلَا مُسْتَخْلَفًا، وَكَأَنَّهُ حَكَّمَهُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، قَالَ فَضْلُ بْنُ سَلَمَةَ: وَأَبَى ذَلِكَ سَحْنُونٌ، قَالَ: لَا يَنْفُذُ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فَتَرَكَهُ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ أَنْفَذَهُ. قَالَ فَضْلٌ: وَإِنَّمَا قَالَ سَحْنُونٌ هَذَا فِي الْقَاضِي يُحَكِّمُ الرَّجُلَ عَلَى النَّظَرِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَإِرْسَالُهُ إلَى الْفَقِيهِ عِنْدِي أَنَّهُ مِثْلُهُ فَتَدَبَّرْهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ، وَلَا يُسَجِّلُ نَائِبُ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَجُوزُ تَسْجِيلُهُ وَيَبْطُلُ، وَلَا تَقُومُ بِهِ لِلْقَائِمِ حُجَّةٌ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْزَلَ أَوْ يَمُوتَ، وَإِنْ كَانَتْ اسْتِنَابَةُ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ عَنْ إذْنِ الْإِمَامِ وَرَأْيِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَفِيضًا مَعْرُوفًا مَشْهُورًا كَاشْتِهَارِ وِلَايَةِ الْقَاضِي، فَلِلنَّائِبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يُسَجِّلَ وَيُنَفِّذَ تَسْجِيلَهُ دُونَ إجَازَةِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ رَدُّهُ، وَلَا الِاعْتِرَاضُ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015