مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا وَقَعَ رَجُلَانِ حُرَّانِ أَوْ حُرٌّ وَعَبْدٌ مُسْلِمَانِ أَوْ كَافِرَانِ، أَوْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ عَلَى أَمَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، وَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا دُعِيَ لِلْوَلَدِ الْقَافَةُ، فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ كَانَ ابْنًا لَهُ وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ وَطْءُ السَّيِّدَيْنِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَجَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، قَالَ صَاحِبُ الْإِمْلَاءِ عَلَى الْجَلَّابِ الْمُقَيَّدُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْيَزْنَاسِيِّ: إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ إذَا أَتَتْ بِهِ لِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَنَّهُ لِلثَّانِي إذْ لَا يَشْتَرِكُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي إلَّا مِنْ سِتَّةٍ إلَى تِسْعَةٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لِلثَّانِي، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا حَمَلَتْ تَضَعُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نَادِرٌ، وَذَلِكَ لَا حُكْمَ لَهُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلثَّانِي.
فَرْعٌ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ إلْحَاقُهُ بِهِمَا حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، لَوْ قَالَ الْوَلَدُ لَا أُوَالِي أَحَدًا مِنْهُمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنًا لَهُمَا جَمِيعًا يَرِثَانِهِ بِنِصْفِ أُبُوَّةٍ، وَيَرِثُهُمَا بِنِصْفِ بُنُوَّةٍ.
وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ لَا يُوَالِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَلَا يَزُولُ النَّسَبُ بِشَهْوَةِ الْوَلَدِ، وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَةٍ.
مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئَانِ حُرَّيْنِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ وَالْآخَرُ نَصْرَانِيٌّ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِالْمُسْلِمِ لَحِقَ بِهِ وَكَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَغُرِّمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْكَافِرِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالْكَافِرِ لَحِقَهُ وَكَانَ عَلَى دِينِهِ وَنُسِبَ إلَيْهِ وَكَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَغُرِّمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً أُقِرَّتْ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً عَتَقَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا جَمِيعًا كَانَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، وَعَتَقَتْ السَّاعَةَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَالْوَلَدُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُوَالِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ وَالَى الْمُسْلِمَ فَهُوَ وَلَدُهُ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ وَالَى الْكَافِرَ كَانَ وَلَدَهُ وَيُحْكَمُ بِالْإِسْلَامِ لِلشَّكِّ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ.
مَسْأَلَةٌ: فَلَوْ ادَّعَاهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ.