أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ، وَلَمْ يُزَلْ مِنْ يَدِهِ أَوْ مِنْ يَدِ مَنْ أَخَذَ عَنْهُ بِمَا يَخْرُجُ بِهِ الْمَالُ مِنْ يَدِ رَبِّهِ، يَحْلِفُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْبَتِّ وَفِيمَا سِوَاهُ بِعِلْمِهِ، وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ إلَى تَوْقِيتِ ذَلِكَ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَمَا قَارَبَ الْعَشْرَ وَهَذَا فِي الْعَقَارِ وَالرِّبَاعِ وَالْأَرْضِينَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَازَ عَلَى خَصْمِهِ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» ، وَاسْتَدَلَّ أَئِمَّتُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْحِيَازَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَحُوزُ عَلَيْهِ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ الْحَائِزِ، وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ وَلَا مُصَاهَرَةٌ وَلَا مُصَادَقَةٌ وَلَا شَرِكَةٌ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ: فِي الطُّرُرِ: عَلَى التَّهْذِيبِ لِأَبِي الْحَسَنِ الطَّنْجِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ قَالَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي التَّهْذِيبِ، وَمَنْ أَقَامَتْ بِيَدِهِ دَارٌ سِنِينَ ذَوَاتِ عَدَدٍ يَحُوزُهَا وَيَمْنَعُهَا وَيُكْرِيهَا، وَيَهْدِمُ وَيَبْنِي، فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ دَارُهُ وَأَنَّهَا لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ وَثَبَتَتْ الْمَوَارِيثُ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي حَاضِرًا يَرَاهُ يَبْنِي وَيَهْدِمُ وَيُكْرِي فَلَا حَاجَةَ لَهُ، وَذَلِكَ يَقْطَعُ دَعْوَاهُ قَوْلُهُ حَاضِرًا يَرَاهُ، لَا بُدَّ هُنَا مِنْ الْعِلْمِ بِشَيْئَيْنِ وَهُمَا: الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلَا يُفِيدُ الْعِلْمُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالتَّصَرُّفِ قَدْ يَقُولُ مَا عَلِمْت أَنَّهُ مِلْكِي، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ الْآنَ قَدْ وَجَدْت الْوَثِيقَةَ عِنْدَ فُلَانٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ، وَالْعِلْمُ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ قَالَهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَابْنِ أَبِي جَمْرَاءَ.
مَسْأَلَةٌ: وَفِي فِقْهِ وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ: وَلَا يَقْطَعُ قِيَامَ الْبِكْرِ غَيْرِ الْعَنَسِ، وَلَا قِيَامَ الصَّغِيرِ وَلَا قِيَامَ الْوَلِيِّ عَلَيْهِ فِي رِقَابِ الْأَمْلَاكِ، وَفِي الْأَحْدَاثِ الِاعْتِمَارُ بِحَضْرَتِهِمْ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيَمْلِكَ نَفْسَهُ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ، وَتَعْنُسُ الْجَارِيَةُ وَيُحَازُ عَلَيْهِمْ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ، وَهُمْ عَالِمُونَ بِحُقُوقِهِمْ لَا يَعْتَرِضُونَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَيَنْقَطِعُ حِينَئِذٍ قِيَامُهُمْ وَمَا لَمْ يَعْرِفُوا بِحُقُوقِهِمْ، لَمْ يَنْقَطِعْ قِيَامُهُمْ.