يُقِرُّ بِالْحَقِّ أَوْ يُطَلِّقُ أَوْ يُفْتَرَى، فَإِنْ اسْتَوْعَبَ ذَلِكَ شَهِدَ بِهِ، وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ وَلَا يَكْتُمُهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ هِيَ لَهُ فَلْيَعْلَمْهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ بِهَا.
وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَشْهَدُ بِمَا سَمِعَ مِنْ قَذْفٍ دُونَ غَيْرِهِ، يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يُحَاطُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ.
قَالَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَعَدَ خَلْفَ حَائِطٍ أَوْ سِتْرٍ أَوْ أَحْضَرَاهُ حَاسَبَهُمَا عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَا عَلَيْهِ، أَوْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا فِيمَا يَنْوِي فِيهِ مِمَّا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ، فَهَلْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَالشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا أَحَاطَ عِلْمًا بِهَا وَاسْتِتْبَابًا لِجَاحِدٍ فِيهِ، فَلَمْ يُقِرَّ أَحْوَطُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ: وَهَذَا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لَا يَنْقُلُ شَهَادَتَهُ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُ فِي نَقْلِهَا، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا إنْ سَمِعَهُ يُشْهِدُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ.
فَرْعٌ: وَفِي الْمُقْنِعِ مِنْ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَغَيْرِهَا، فِي الرَّجُلِ يَأْتِي مُسْتَغِيثًا يَسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ يَنْوِي فِيهِ، وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَيُفْتَى أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ: لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ وَإِنْ طَلَبَتْ امْرَأَتُهُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ شَهِدَا لَمْ يَنْفَعْهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى غَيْرِ إشْهَادٍ.
فَرْعٌ: قَالَ وَمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ الْفَقِيهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ حَقٍّ، ثُمَّ أَنْكَرَ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَنْهُ، وَمِنْ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ حَضَرَ الْفَقِيهَ ثُمَّ سَمِعُوا الْقِصَّةَ كُلَّهَا، حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ مِنْهَا مَا يَخَافُ أَنْ يُفْسِدَ الشَّهَادَةَ إذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ مَرَّ بِرَجُلَيْنِ يَتَحَاسَبَانِ، فَإِنْ سَمِعَ كَلَامَهُمَا مِنْ أَوَّلِهِ وَاسْتَقْصَاهُ، فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: وَإِنْ سَمِعَ جَارَهُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي رَجُلَيْنِ أُقْعِدَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، لِيَشْهَدَا عَلَى رَجُلٍ قَالَ: إنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ مُخْتَدَعًا أَوْ خَائِفًا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَحَلَفَ مَا أَقَرَّ، إلَّا لِأَمْرٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَزِمَهُ، وَلَعَلَّهُ