عَقْدُ اسْتِرْعَاءٍ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ
وَمَنْ اُسْتُرْعِيَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِسْقِ وَالدَّعَارَةِ وَالشَّرِّ وَمُجَانَبَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، وَثَبَتَ عَلَيْهِ هَذَا، وَجَبَتْ عُقُوبَتُهُ وَإِطَالَةُ سَجْنِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَيَصْلُحَ حَالُهُ، وَلَوْ شَهِدَ لَهُ شُهُودٌ عُدُولٌ مَعَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعَافِيَةِ وَالصَّلَاحِ، لَمْ تُفِدْ شَهَادَتُهُمْ شَيْئًا وَالشَّهَادَةُ الْأُولَى أَعْلَمُ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِبَاطِنٍ، وَالثَّانِيَةُ بِظَاهِرٍ، فَالْأُولَى أَقْوَى إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِدْفَعٌ.
عَقْدُ اسْتِرْعَاءٍ فِي التَّبَرِّي مِنْ مُذْنِبٍ
أَشْهَدَ فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ ابْنَهُ فُلَانًا، مُخَالِطٌ لِأَهْلِ التُّهَمِ وَالرِّيَبِ، وَخَافَ أَنْ يَجْنِيَ جِنَايَةً أَوْ يَجُرَّ جَرِيرَةً فَيُعَلَّلُ عَلَيْهِ وَيُؤْذَى بِسَبَبِهِ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَأَبْعَدَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَهَجَرَهُ غَضَبًا لِلَّهِ تَعَالَى إلَى أَنْ يَتُوبَ وَيَرْجِعَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ، شَهِدَ بِذَلِكَ مَنْ يَعْرِفُ أَبْعَادَهُ، فَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: إنَّهُ يَنْدَفِعُ عَنْهُ بِهَذَا الْعَقْدُ تَعَسُّفُ الْوُلَاةِ وَأَخْذُهُمْ الْوَلِيَّ بِالْوَلَاءِ فِي الْجِنَايَاتِ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ أَحْكَامُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] .
عَقْدُ اسْتِرْعَاءٍ يُوجِبُ الْيَمِينَ
إذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ وَالْغَضَبِ وَالْعَدَاءِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ، وَالْمَظِنَّةُ مِمَّنْ تَلْحَقُهُ الْيَمِينُ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ وَعَقَدَ بِذَلِكَ مَكْتُوبًا، فَإِنَّ هَذَا الْعَقْدَ يُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى مَنْ عُقِدَ عَلَيْهِ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْعَيْنِ لَمْ تَقَعْ الشَّهَادَةُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا جَازَتْ الشَّهَادَةُ فِي غَيْبَتِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَمَاهُ وَنَسَبَهُ إلَى غَضَبٍ أَوْ تَعَدٍّ إذَا ثَبَتَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ.
عَقْدُ اسْتِرْعَاءٍ فِي عَدَاوَةٍ لِيَكُونَ عَدُوَّهُ
وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ أَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى نَفْسِهِ، أَنَّ فُلَانًا حَضَرَ مَجْلِسَ نَظَرِهِ فَذَكَرَ أَنَّ فُلَانًا عَدُوٌّ لَهُ مِنْ قِدَمِ الزَّمَانِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا.