[الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِرْعَاءِ]

ِ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَيَصَدَّقُ الْمُسْتَرْعَى فِي الْحَبْسِ فِيمَا يَذْكُرُهُ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَتَوَقَّعُهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودُ تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتِي يَتَوَقَّعُهَا وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ أَشْهَدَ فُلَانٌ شُهُودَ هَذَا الْكِتَابِ شَهَادَةَ اسْتِرْعَاءٍ وَاسْتِحْفَاظٍ لِلشَّهَادَةِ، أَنَّهُ مَتَى عُقِدَ فِي دَارِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا تَحْبِيسًا عَلَى بَنِيهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ لِأَمْرٍ يَتَوَقَّعُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ الْمَذْكُورِ، وَلْيُمْسِكْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرْجِعُ فِيمَا عَقَدَهُ فِيهِ عِنْدَ أَمْنِهِ مِمَّا تَخَوَّفَهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِمَا عَقَدَهُ فِيهِ وَجْهَ الْقُرْبَةِ وَلَا وَجْهَ الْحَبْسِ، بَلْ لِمَا يَخْشَاهُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِمَا يَعْقِدُهُ فِيهِ مِنْ التَّحْبِيسِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَرْعَى الرَّجُلُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ لِيُحَلِّفَهُ وَقَلَّتْ اسْتِقَامَتُهُ لِيَسْتَرْعِيَ بِذَلِكَ السَّبَبِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الِاسْتِرْعَاءُ فِي الطَّلَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْهِبَةِ.

فَرْعٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ وَإِذَا خَافَ الرَّجُلُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ عَبْدَهُ بِالْبَيْعِ ظَالِمٌ، فَلْيُعْتِقْهُ وَيَشْهَدْ سِرًّا أَنِّي إنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَطْلُبُهُ مِنِّي هَذَا الظَّالِمُ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى الْعِتْقِ شُهُودَ الِاسْتِرْعَاءِ أَوْ غَيْرَهُمْ.

فَرْعٌ: وَإِذَا خَطَبَ مَنْ هُوَ قَاهِرٌ لِشَخْصٍ بَعْضَ بَنَاتِهِ، فَأَنْكَحَهُ الْمَخْطُوبُ إلَيْهِ، وَأَشْهَدَ سِرًّا أَنِّي إنَّمَا أَفْعَلُهُ خَوْفًا مِنْهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يُخَافُ عَدَاوَتُهُ، وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ نِكَاحٍ، فَأَنْكَحَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا، قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.

فَرْعٌ: وَإِذَا بَنَى ظَالِمٌ أَوْ مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ غُرَفًا مُحْدَثَةً بِإِزَاءِ دَارِ رَجُلٍ، وَفَتْحَ بَابًا يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى مَا فِي دَارِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِطَالَةِ لِقُدْرَتِهِ، وَجَاهِهِ فَيَشْهَدُ الرَّجُلُ أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ لِخَوْفِهِ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُضِرَّهُ وَيُؤْذِيَهُ وَأَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ مَتَى أَمْكَنَهُ، وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ لِمَعْرِفَتِهِمْ لِلضَّرُورَةِ، وَأَنَّ الْمُحْدِثَ لِذَلِكَ مِمَّا يُتَّقَى شَرُّهُ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ مَتَى قَامَ بِطَلَبِ حَقِّهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015