حَسَبُ نَصِّهِ وَتَحَقُّقِهِ عَلَى حَالِ وَصْفِهِ، وَأَوْقَعَ بِهِ شَهَادَتَهُ إذْ سُئِلَهَا فِي تَارِيخِ كَذَا.
فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْغَائِبِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْغَيْبَةُ الَّتِي تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى الْخَطِّ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهَا، غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: الْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: قَدْرُ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: مِثْلَ مِصْرَ مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ، وَمَكَّةَ مِنْ الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ الْغَيْبَةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي خَطِّ الْمُقِرِّ وَخَطِّ الشَّاهِدِ الْغَائِبِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي خَطُّ الْمُقِرِّ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ، وَالِاتِّفَاقُ حَكَاهُ أَيْضًا ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ.
وَفِي الْجَلَّابِ رِوَايَةٌ بِالْمَنْعِ وَهَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ أَمْ لَا؟ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْيَمِينِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ مَنْ يَرَى الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ يَحْكِي الِاتِّفَاقَ فَلَا يَحْتَاجُ عِنْدَهُمْ إلَى زِيَادَةِ الْيَمِينِ، اُنْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهَذَا إذَا شَهِدَ لَهُ عَلَى الْخَطِّ شَاهِدَانِ، فَإِنْ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى الْخَطِّ فَهَلْ يَحْلِفُ مَعَهُ؟ رِوَايَتَانِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ.
وَفِي الطُّرَرِ لِابْنِ عَاتٍ: وَالصَّوَابُ عَدَمُ الْحُكْمِ، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ.
وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ لِلشَّرْمَسَاحِيِّ، أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَيْنِ يَمِينًا مَعَ شَاهِدٍ عَلَى الْخَطِّ، وَيَمِينًا أُخْرَى لِيُكَمِّلَ بِهَا السَّبَبَ، قَالَ فَصَحَّ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَيْنِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، لَا عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَرْعٌ: وَفِي التَّنْبِيهِ لِابْنِ الْمُنَاصِفِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ قَالَ فَإِذَا تَحَقَّقَ الشُّهُودُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّ الشَّاهِدِ، وَلَمْ يُدَاخِلْهُمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ وَلَا غَلَبَةُ ظَنٍّ، فَلْيُعَرِّفَا عَلَى الشَّهَادَةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ حَلَفَ الطَّالِبُ حِينَئِذٍ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ نَاقِصَةٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ إلَّا فِيمَا كَانَ مَالًا، خَاصَّةً حَيْثُ تَجُوزُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ.