الشَّامِ بِمِائَةِ إرْدَبِّ شَعِيرٍ لِثَالِثٍ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْعَدَالَةِ سَوَاءٌ سَقَطَتْ الشَّهَادَاتُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي سَوَاءً، وَالْآخَرُ دُونَهُمَا سَقَطَتْ الشَّهَادَاتُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَيْنِ يُسْقِطُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَهُمَا جَمِيعًا يُسْقِطَانِ الَّذِي دُونَهُمَا، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا عَدَلَ الثَّلَاثَةَ حَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي، وَأَخَذَ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَهَا ثَلَاثُ مَرَاتِبَ.
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: تُفِيدُ الْعِلْمَ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّوَاتُرِ، كَالسَّمَاعِ بِأَنَّ مَكَّةَ مَوْجُودَةٌ وَمِصْرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذِهِ إذَا حَصَلَتْ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ بِالرُّؤْيَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُفِيدُ الْعِلْمَ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ: وَهِيَ تُفِيدُ ظَنَّا قَوِيًّا، يَقْرُبُ مِنْ الْقَطْعِ وَيَرْتَفِعُ عَنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ، مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ مِنْ أَوْثَقِ مَنْ أَخَذَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهَا.
وَمِنْهَا إذَا رُئِيَ الْهِلَالُ رُؤْيَةً مُسْتَفِيضَةً، وَرَآهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَشَاعَ أَمْرُهُ فِيهِمْ، لَزِمَ الصَّوْمُ أَوْ الْفِطْرُ مَنْ رَآهُ وَمَنْ لَمْ يَرَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ، لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى شَهَادَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا تَعْدِيلٍ، قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ الْخِلَافَ.
وَمِنْهَا اسْتِفَاضَةُ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ وَمَا يَسْتَفِيضُ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ الْحَاكِمُ لِاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِ. وَمِنْهُمْ: مَنْ لَا يَسْأَلُ عَنْهُ لِاشْتِهَارِ جُرْحَتِهِ، وَإِنَّمَا يَكْشِفُ عَمَّنْ أَشْكَلَ، وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ أَوْ عَامِلِهَا، فَقَالَ: أَمَّا الِاسْمُ فَاسْمُ عَدْلٍ، وَلَكِنْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّك ابْنَ أَبِي حَازِمٍ؟ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ عَدَالَةَ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ