مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ وَجَدَ الدَّرَاهِمَ زُيُوفًا فَإِنْ تَقَيَّدَ عَلَيْهِ أَنَّهَا طَيِّبَةٌ فَالْبَائِعُ مُدَّعٍ، وَالْمُشْتَرِي مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُ الْمُبْتَاعِ لِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ طَيِّبَةً جِيَادًا، وَإِنْ سَقَطَ هَذَا مِنْ الْعَقْدِ حَلَفَ لَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنْ قَالَ الْمُبْتَاعُ مَا عَلِمْتهَا مِنْ دَرَاهِمِي حَلَفَ لَقَدْ دَفَعْت لَهُ جِيَادًا فِي عِلْمِي، وَمَا عَلِمْت هَذِهِ مِنْ دَرَاهِمِي فَإِنْ حَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ.

فَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهَا دَرَاهِمُهُ وَمَا خَلَطَهَا بِسِوَاهَا وَلَزِمَهُ بَدَلُهَا، فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ لَمْ يَدْفَعْهَا مَالِكُهَا وَإِنَّمَا دَفَعَهَا وَكِيلُهُ رُدَّتْ عَلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ عَرَفَهَا الْوَكِيلُ لَزِمَتْ الْمُوَكِّلَ أَنْكَرَهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْوَكِيلُ وَقَبِلَهَا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَمَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَيَبْرَأُ، وَلِلَّذِي يَرُدُّهَا أَنْ يُحَلِّفَ الْآمِرَ مَا يَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَمَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَتَسْقُطُ دَعْوَى الرَّدِّ، وَهَلْ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِيَمِينِ الْوَكِيلِ فِيهِ خِلَافٌ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.

فَرْعٌ: وَدَعْوَى النَّقْصِ أَيْضًا كَذَلِكَ، إنْ تَقَيَّدَ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ قَبَضَهَا تَامَّةً، لَمْ يَحْلِفْ لَهُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّصْدِيقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ.

فَرْعٌ: لَوْ قَامَ لِلْمَيِّتِ شَاهِدٌ بِحَقٍّ وَوَارِثُهُ أَخْرَسُ لَا يَفْهَمُ وَلَا يُفْهَمُ عَنْهُ، فَقَالَ سَحْنُونٌ: يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيَبْرَأُ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ. وَمَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ يَخْرُجُ ذِكْرُهَا عَنْ الْمَقْصُودِ، وَقَدْ اسْتَقْصَيْت مِنْهَا جُمْلَةً نَافِعَةً وَأَفْرَدَتْهَا فِي تَأْلِيفٍ تَرْجَمَتُهُ بِبُرُوقِ الْأَنْوَارِ الْمُوَضِّحَةِ لِأَنْوَاعِ طَرِيقِ الدَّعْوَى.

[الْبَابُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ اللَّوْثِ وَأَيْمَانِ الْقَسَامَةِ]

اللَّوْثُ بِثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوُجُوهُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا التَّلْوِيثُ وَالتَّلْطِيخُ فِي الدِّمَاءِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ، وَمَعَ كَثْرَتِهَا لَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى التَّمَكُّنِ مِنْ الدُّعَاءِ لِعِظَمِ خَطَرِهَا وَرَفِيعِ قَدْرِهَا، فَوَجَبَ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا إلَّا أَنَّ فِيهَا مَا لَهُ قُوَّةٌ لِأَجْلِ مَا احْتَفَّ بِهِ مِنْ الْقَرَائِنِ الْحَامِلَةِ عَلَى صِدْقِ مُدَّعِيه، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ مَا يُقْبَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَعِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ اللَّوْثَ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015