فَرْعٌ: وَمِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ: قَالَ سَحْنُونٌ: مَنْ ادَّعَى دَارًا بِالْقَيْرَوَانِ وَاَلَّذِي هِيَ بِيَدِهِ غَائِبٌ بِتُونِسَ، كَتَبَ قَاضِي الْقَيْرَوَانِ إلَى قَاضِي تُونِسَ، أَنْ يُقَدِّمَ فُلَانًا يُخَاصِمُ، أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمُ لَهُ، فَإِنْ أَبَى سَمِعَ مِنْ حُجَّةِ الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتِهِ، فَإِنْ أَثْبَتَ الدَّعْوَى وَأَوْقَعَ الْبَيِّنَةَ كَشَفَ عَنْ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ زُكِّيَتْ حَكَمَ عَلَيْهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي مَعِينِ الْحُكَّامِ وَغَيْرِهِ: وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَلَدُّ بِالْمُدَّعِي، وَدَعَاهُ الطَّالِبُ إلَى الِارْتِفَاعِ إلَى الْقَاضِي فَأَبَى، فَيَكُونُ عَلَى الْمَطْلُوبِ أُجْرَةُ الرَّسُولِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ عَلَى الطَّالِبِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَيُؤَدِّبُ الْقَاضِي كُلَّ مَنْ أَبَى أَنْ يَرْتَفِعَ إلَيْهِ، وَقَالَ مِثْلَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَطَّارِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: فِي الِانْتِقَادِ عَلَى ابْنِ الْعَطَّارِ، وَلَا نَعْلَمُ ذَنْبًا يُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ الْمَالِ إلَّا الْكُفْرَ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَطْلُهُ يُوجِبُ اسْتِبَاحَةَ مَالِهِ، وَأَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ظَالِمٌ بِمَطْلِهِ وَتَبْطُلُ بِذَلِكَ شَهَادَتُهُ، وَيَسْتَحِقُّ اسْمَ الظُّلْمِ وَمَالُهُ مُحَرَّمٌ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ اسْتِبَاحَةِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَدْخَلَ غَرِيمَهُ فِي غُرْمٍ وَعَرَّضَ بِإِتْلَافِ مَالِهِ، بِعَدَمِ انْقِيَادٍ إلَى الْحُكْمِ فَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ غُرْمُ ذَلِكَ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلشُّرَطِ الْمُتَصَرِّفِينَ بَيْنَ أَيْدِي الْقُضَاةِ، رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، كَأَنْ جَعَلَ الْغُلَامَ الْمُتَصَرِّفَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الطَّالِبِ، إلَّا أَنْ يَلِدَّ الْمَطْلُوبُ وَيَخْتَفِيَ تَعْنِيتًا بِالْمُطَالَبِ، فَيَكُونُ الْجُعَلُ فِي إحْضَارِهِ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا تُخَالِفُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْفَخَّارِ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي الشَّرِيكَيْنِ: يَطْلُبُ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَيَتَغَيَّبُ الْآخَرُ، قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ وَلِيَدٍ وَابْنُ غَالِبٍ: إذَا تَوَرَّكَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَلَى الْحُضُورِ لِلْقِسْمَةِ، وَظَهَرَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي بِاتِّصَالِ تَوَرُّكِهِ، أَوْ بِطُولِ التَّرَدُّدِ فِي طَلَبِهِ لِلْحُضُورِ فَلَمْ يَحْضُرْ، أَمَرَ الْقَاضِي بِالْقَسْمِ عَلَيْهِ وَوَكَّلَ لَهُ مَنْ يَقْبِضَ نَصِيبَهُ، فَيَبْعَثُ الْقَاضِي قَاسِمًا يَرْضَاهُ، وَرَجُلَيْنِ يُقْبِلَانِ عَلَيْهِمَا، يُحْضِرَانِ الْقَسْمَ، وَوَكِيلًا يُوَكِّلُهُ لِلْغَائِبِ وَكَالَةً يَشْهَدُ لَهُ بِهَا، فَمَا حَصَلَ لِلْغَائِبِ قَبَضَهُ وَكِيلُهُ، وَكَانَ قَبْضُهُ لَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَقَبْضِهِ لِنَفْسِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015