الْمَطْلُوبِ عَنْ الْيَمِينِ، وَكَانَتْ الْخُلْطَةُ ثَابِتَةً وَالدَّعْوَى مُشْبِهَةً عُرْفًا؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ التَّكَلُّمِ نُكُولٌ عَنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ، دَعَا بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَسْجُنُهُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ، وَلَكِنْ يَسْمَعُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَيَحْمِلُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْفَصْلُ، وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ، وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِلَا يَمِينٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ لَمْ يَتْرُكْهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَإِنْ أَبَى سَجَنَهُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنْ يُسْجَنَ وَيُؤَدَّبَ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى امْتِنَاعِهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يُخَيَّرُ الطَّالِبُ بَيْنَ حَبْسِ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يُجَاوِبَهُ أَوْ يَحْلِفَ، وَيَأْخُذَهُ مِلْكًا أَوْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَيَبْقَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى حُجَّتِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: فَإِنْ قَالَ: لَا أُجَاوِبُهُ، حَتَّى يُبَيِّنَ الْوَجْهَ الَّذِي تَرَتَّبَ لَهُ ذَلِكَ بِهِ قِبَلِي، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيَانِهِ لَمْ يَسْأَلْ الْمَطْلُوبَ عَنْ شَيْءٍ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ نِسْيَانًا فَيَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَأَلْزَمَ الْمَطْلُوبَ الْجَوَابَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْقِيَاسُ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ نَسِيَ.
فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ أَنَا آتِيهِ بِوَكِيلٍ يُجَاوِبُهُ، فَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ.
الْأَوَّلُ: الْإِلْزَامُ، وَيُقَالُ لَهُ: قُلْ الْآنَ مَا تَأْمُرُ بِهِ وَكِيلَك. قَالَ أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: التَّفْرِقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى قَرِيبَةَ الْمَعْنَى، أُمِرَ بِالْجَوَابِ ثُمَّ وَكَّلَ، فَإِنْ أَبَى حُمِلَ عَلَيْهِ بِالْأَدَبِ، وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ وَبِهِ الْعَمَلُ.
فَرْعٌ: وَإِنْ قَالَ: لَا أُخَاصِمُهُ عِنْدَك جُبِرَ عَلَيْهِ بِالسِّجْنِ وَالْأَدَبِ.