وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى مَا تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ فِي الْحَرَائِرِ فَفِيهِ خِلَافٌ، قِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ الرِّجَالُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يُبْقَرَ الثَّوْبُ عَنْ مَوْضِعِ الْحَاجَةِ، حَتَّى يَنْكَشِفَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ لِلنَّظَرِ، وَقِيلَ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ امْرَأَتَانِ قَالَهُ أَصَبْغُ وَحُجَّتُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْجَسَدِ فِي الْحُرَّةِ عَوْرَةٌ بِخِلَافِ الْإِمَاءِ، وَأَمَّا شَهَادَتُهُمَا فِي الرَّضَاعِ، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ كَانَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِهِمَا، قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَقَيْدُ الْفُشُوِّ ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي وَثَائِقِهِ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فَانْظُرْهُ
. مَسْأَلَةٌ: وَتَجُوزُ الْقَسَامَةُ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِيمَا تَجُوزُ مَعَهُ الْقَسَامَةِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ شَهِدَتَا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ، فِي صِفَاتِ الْحُقُوقِ وَمَرَاتِبِ الشَّهَادَاتِ.
مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَتَلِدُ تَوْأَمَيْنِ فَيَشْهَدُ امْرَأَتَانِ عَلَى أَوَّلِهِمَا خُرُوجًا فَهُوَ كَالِاسْتِهْلَالِ، تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ مَنْ شَهِدَتَا لَهُ وَيَرِقُّ الْآخَرُ، وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا.
فَصْلٌ: وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُنَّ فِي الْمَآتِمِ وَالْحَمَّامِ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ، فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَالْأَصْلُ الْجَوَازُ لِلضَّرُورَةِ، كَشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ قِيلَ: وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ لَا يَحْضُرُهُ الْعُدُولُ، وَرَأَى اللَّخْمِيُّ أَنْ يُقْسَمَ مَعَهُمَا فِي الْقَتْلِ، ثُمَّ يُقَادُ وَيُحْلَفُ فِي الْجِرَاحِ ثُمَّ يُقْتَصُّ، قَالَ وَإِنْ عَدَلَ مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ اثْنَتَانِ أُقِيدَ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ، وَاقْتُصَّ فِي الْجِرَاحِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، فَنَحَى بِهِنَّ مَنْحَى الرِّجَالِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَحْضُرُهَا الرِّجَالُ: كَالْحَمَّامِ وَالْعُرْسِ وَالْمَأْتَمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَا تَجُوزُ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُنَّ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ ضَرُورَتِهِنَّ إلَى الِاجْتِمَاعِ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ تَجُوزُ لِحَاجَتِهِنَّ إلَى ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ النِّسَاءُ يَجْتَمِعْنَ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْمَآتِمِ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلُمَّ جَرَّا، فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ بَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضٍ، ذَهَبَتْ دِمَاؤُهُنَّ.
وَفِي الْإِمْلَاءِ عَلَى الْجَلَّابِ الْمُقَيَّدِ عَنْ ابْن زَيْدٍ الْبُرْنَاسِيِّ، قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ