اسْتِعْلَامُهُ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ وَلَا الرِّوَايَةِ، بَلْ مِنْ بَابِ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُؤْتَمَنٌ عَلَى مَا يَدَّعِي أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ مُبَاحٌ لَهُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَفْسَقَ النَّاسِ مِنْ الْقَوَاعِدِ وَمِنْ تَعْلِيقِهِ الْخِلَافَ لِلطُّرْطُوشِيِّ.
مَسْأَلَةٌ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِّيِّ فِي تَرْجَمَةِ الْفَتْوَى، بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ أَوْ الْعَجَمِيِّ، وَفِي قِرَاءَتِهَا أَيْضًا.
فَرْعٌ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ: يُقَلَّدُ الْوَاحِدُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إنْ أَرَادَ بِهِ عِلْمَ التَّارِيخِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَيَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ فَرْضٌ مِثْلَ صَوْمِ رَمَضَانَ أَوْ الْفِطْرِ مِنْهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ إذَا أَخْبَرَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ وَقَعَ فِيهِ بَوْلٌ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ حَتَّى يُخْبِرَ بِتَعْيِينِ الْبَوْلِ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَوْلَ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ.
فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، حَتَّى يُخْبِرَ بِتَعْيِينِ النَّجَاسَةِ وَالتَّعْلِيلِ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَرْعِ قَبْلَ هَذَا.
فَرْعٌ: فَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ أَعْمَى قُبِلَ خَبَرَهُ، كَمَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْبَصِيرِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ قَطْعًا، أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ بَصِيرٌ.
فَرْعٌ: إذَا أَخْبَرَ أَعْمَى أَعْمَى: أَنَّ هَذَا الْمَاءَ وَقَعَ فِيهِ بَوْلٌ وَتَغَيَّرَ قَبِلَ خَبَرَهُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ قَطْعًا بِإِخْبَارِ بَصِيرٍ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: هَذَا الْمَاءُ نَجِسٌ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ حَتَّى يُبَيِّنَ بِأَيِّ شَيْءٍ تَنَجَّسَ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ سُؤْرَ الْكَلْبِ، أَوْ أَسْآرَ السِّبَاعِ أَوْ أَبْوَالَ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ نَجِسَةٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ مُبْصِرًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ عِنْدَهُ لَا يَنْجُسُ بِحُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ.
فَرْعٌ: إذَا أَخْبَرَك رَجُلٌ أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ أَصَابَهُ بَوْلٌ دُونَ هَذَا الثَّوْبِ، وَقَالَ لَك رَجُلٌ آخَرُ بَلْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ هَذَا الثَّوْبَ الْآخَرَ دُونَ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَلِّ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ صِدْقَ الْجَمِيعِ مُمْكِنٌ.