كِتَابَتِهِ وَلَا يَغِيبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. الْمَازِرِيُّ: إذَا كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اطِّلَاعِ الْقَاضِي عَلَى مَا يَكْتُبُهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَا يَكْتُبُ أَيْضًا.

وَمِنْهَا أَنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ يُزَكِّي عِنْدَهُ الشُّهُودَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَصِّبَ لِذَلِكَ رَجُلَيْنِ يَسْأَلَانِ لَهُ عَنْ الشُّهُودِ وَيَكُونَ كَشْفُهُمْ فِي السِّرِّ، وَإِنْ قَدَرَ الْقَاضِي أَنْ لَا يَعْرِفَ النَّاسُ مَنْ نَصَّبَهُ لِذَلِكَ فَذَلِكَ حَسَنٌ، وَالْوَاحِدُ الصَّالِحُ الْمَأْمُونُ الْمُتَنَبِّهِ يُجْزِئُ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْكَاشِفِ أَنْ يَسْأَلَ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ وَلْيَسْأَلْ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ قَدَرَ خِيفَةَ أَنْ يُزَكِّيَهُ أَهْلُ وُدِّهِ، أَوْ يُجَرِّحَهُ عَدُوُّهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَأَلَ جَمَاعَةً.

وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ مُتَرْجِمًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالصَّلَاحُ التَّامُّ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا اخْتَصَمَ إلَيْهِ مَنْ لَا يَتَكَلَّمُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا يَفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُتَرْجِمْ عَنْهُ ثِقَةٌ مُسْلِمٌ مَأْمُونٌ، وَاثْنَانِ أَحَبُّ إلَيْنَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ تَرْجَمَةَ امْرَأَةٍ عَدْلٍ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ يُتَرْجِمُ لَهُ وَكَانَ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ أَحَبُّ إلَيْنَا.

وَقَالَ سَحْنُونٌ، لَا يَقْبَلُ تَرْجَمَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلَا تَرْجَمَةَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلَا يَقْبَلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ الْكُفْرِ وَلَا الْعَبِيدِ، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: يُرِيدُ مَعَ وُجُودِ الْعَدْلِ، وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَى تَرْجَمَةِ أَحَدِهِمْ يَعْمَلُ بِقَوْلِهِ كَالْحُكْمِ بِقَوْلِ الطَّبِيبِ النَّصْرَانِيِّ فِيمَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ فِيهِ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَبْطِنَ أَهْلَ الدِّينِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالنَّزَاهَةِ لِيَسْتَعِينَ بِهِمْ عَلَى مَا هُوَ بِسَبِيلِهِ، وَيَقْوَى بِهِمْ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى مَا يَنُوبُهُ وَيُخَفِّفُوا عَنْهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِنَابَةِ فِيهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْوَصَايَا وَالْأَحْبَاسِ وَالْقِسْمَةِ وَأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْظُرُ فِيهِ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَعْوَانُهُ فِي زِيِّ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى الْمَرْءِ بِصَاحِبِهِ وَغُلَامِهِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالرِّفْقِ وَاللِّينِ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا بُدَّ لِلْقَاضِي مِنْ أَعْوَانٍ يَكُونُونَ حَوْلَهُ لِيَزْجُرُوا مَنْ يَنْبَغِي زَجْرُهُ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَفِّفَ مِنْهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُنْكِرُ عَلَى الْقَضَاءِ اتِّخَاذَ الْأَعْوَانِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ وَشُوِّشَ عَلَيْهِ مَا يَقَعُ مِنْ النَّاسِ عِنْدَهُ قَالَ لَا بُدَّ لِلسُّلْطَانِ مِنْ وَزَعَةٍ، وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْ الْأَعْوَانِ أَصْلًا كَانَ أَحْسَنَ، قَالَ الْمَازِرِيُّ وَلَا يَكُونُ الْعَوِينُ إلَّا ثِقَةً مَأْمُونًا؛ لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015