مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَيَمِينٌ الْقَضَاءِ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى مَنْ يَقُومُ عَلَى الْمَيِّتِ، أَوْ عَلَى الْغَائِبِ، أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ، أَوْ عَلَى الْأَحْبَاسِ، أَوْ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ، وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ، وَلَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا.

فَرْعٌ: وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ مِمَّا نَقَلَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ لِلْبَاجِيِّ، قَالَ: أَجْمَعَ مَنْ عَلِمْتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ لِمُسْتَحِقِّ غَيْرِ الرِّبَاعِ وَالْعَقَارِ حُكْمٌ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ، قَالَ وَرَأَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا ذَلِكَ لَازِمًا فِي الْعَقَارِ وَالرِّبَاعِ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ يَمِينًا.

مَسْأَلَةٌ: وَيَمِينٌ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ، وَيَمِينُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ مُوَرِّثِهِمْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كُلِّهَا، وَأَنَّ مِلْكَ جَمِيعِهِمْ يَعْنِي الْوَرَثَةَ، بَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ يَمِينِهِمْ، وَهَذِهِ التَّتِمَّةُ فِي الْيَمِينِ تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كِبَارًا وَلَمْ يَدَّعُوا دَفْعَ الدَّيْنِ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ وَلَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ: لَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ يَمِينٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانُوا صِغَارًا، فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ. وَظَاهِرُ مَا فِي النَّوَادِرِ خِلَافُهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَخَافَةَ طُرُوءِ دَيْنٍ أَوْ وَارِثٍ آخَرَ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي مَعِينُ الْحُكَّامِ، اُخْتُلِفَ فِيمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ الرِّبَاعِ أَوْ الْأُصُولِ، هَلْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَمْ لَا؟ فَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ ذَلِكَ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ: أَنَّ الرِّبَاعَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَتْبِ الْوَثَائِقِ فِيهَا عِنْدَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا وَالْإِعْلَانِ بِالشَّهَادَةِ فِيهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْعُقُودِ وَالْمُكَاتَبِ، وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ لِلطَّالِبِ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، وَاكْتَفَى بِالْبَيِّنَةِ عَنْ إحْلَافِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُمَوَّلَاتِ الَّتِي يَخْفَى وَجْهُ انْتِقَالِهَا، وَيَقِلُّ حِرْصُ النَّاسِ عَلَى الْمُشَاحَّةِ فِي كِتَابِ الْوَثَائِقِ فِيهَا، فَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ: لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، أَنَّهُ مَا بَاعَ وَمَا وَهَبَ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، وَاتَّفَقُوا فِي غَيْرِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015