عَلَيْهِ، وَقِيلَ يُسْجَنُ حَتَّى يَحْلِفَ، وَقِيلَ يُخْلَى مِنْ السِّجْنِ إذَا طَالَ وَالطُّولُ سَنَةٌ.
وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، وَنَكَلَ الْأَوْلِيَاءُ عَنْ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْقَاتِلِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ وَاخْتُلِفَ إذَا نَكَلَ، قِيلَ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ طَالَ السِّجْنُ وَيُئِسَ أَنْ يَقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مِنْ التَّنْبِيهِ وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بِجُرْحِ الْعَمْدِ شَاهِدٌ فَتَثْبُتُ الْيَمِينُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، إمَّا لِنُكُولِ الْمَشْهُودِ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ ذَلِكَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ سُجِنَ أَبَدًا حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَخْرُجُ بَعْدَ سَنَةٍ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ التَّنْبِيهِ. وَأَمَّا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ عَلَى قَتْلِ الْخَطَأِ وَالْجِرَاحِ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَالِيَّاتِ، تَثْبُتُ الدِّيَةُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْقَسَامَةِ، وَبِشَاهِدٍ وَنُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَيْهِمْ مِنْ التَّنْبِيهِ.
فَصْلٌ: قَالَ فِي تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ، عَلَيْهِ بِسَبَبِ طُولِ السِّجْنِ، أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ، وَلَمْ يَكُنْ السِّجْنُ فِي حَقِّهِ إكْرَاهًا؛ لِأَنَّهُ سُجِنَ بِحَقٍّ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ ظُلْمًا، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا بِالطَّلَاقِ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ حَلَفَ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَطُولَ أَمْرُهُ وَالطُّولُ فِي ذَلِكَ سَنَةٌ، وَقِيلَ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُطَلِّقَ، وَقِيلَ تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِتَمَامِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِمُشَابَهَتِهِ الْإِيلَاءَ. وَأَمَّا الشُّرْبُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا نُكِّلَ الشَّاهِدُ. وَأَمَّا السَّرِقَةُ فَإِنْ كَانَ لَهَا مَنْ يَطْلُبُهَا لَمْ يُعَاقَبْ الشَّاهِدُ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَطْلُبُهَا عُوقِبَ إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَلَا فَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَدْلٌ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَنَّهُ سُرِقَ لِلْمُدَّعِي مِثْلُ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ أَنَّهُ عَيْنُ شَيْئِهِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ تَوْقِيفَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ شَهِدَ لَهُ قَوْمٌ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ سُرِقَ لَهُ مِثْلُ مَا يَدَّعِي، فَإِنَّهُ يُدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ إذَا وَضَعَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةً قَاطِعَةً، يَعْنِي أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ دَفْعِهِ إلَيْهِ لِتَشْهَدَ بِبَيِّنَتِهِ عَلَى عَيْنِهِ، فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ التَّنْبِيهِ، وَأَمَّا الْقَذْفُ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَيَبْرَأُ، فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يُحَدُّ فِي الْقَذْفِ أَوْ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَخْرُجَ بَعْدَ سَنَةٍ خِلَافٌ.