مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلْيَخْتَبِرْ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي اسْتِخْلَافِهِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " التَّنْبِيهَاتُ ": وَشُرُوطُ الْقَضَاءِ الَّتِي لَا يَتِمُّ الْقَضَاءُ إلَّا بِهَا وَلَا تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ وَلَا يُسْتَدَامُ عَقْدُهَا إلَّا مَعَهَا عَشْرَةٌ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ وَكَوْنُهُ وَاحِدًا وَسَلَامَةُ حَاسَّةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ الْعَمَى وَالصَّمَمِ وَسَلَامَةِ اللِّسَانِ مِنْ الْبَكَمِ، فَالثَّمَانِيَةُ الْأُوَلُ هِيَ الْمُشْتَرَطَةُ فِي صِحَّةِ الْوِلَايَةِ وَالثَّلَاثَةُ الْأُخَرُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الصِّحَّةِ، لَكِنَّ عَدَمَهَا يُوجِبُ الْعَزْلَ، فَلَا تَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ اتِّفَاقًا، وَلَا الْمَجْنُونِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: وَلَا يُكْتَفَى بِالْعَقْلِ الْمُشْتَرَطِ فِي التَّكْلِيفِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ التَّمْيِيزِ جَيِّدَ الْفِطْنَةِ بَعِيدًا مِنْ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ لِنَقْصِهَا وَلِأَنَّ كَلَامَهَا رُبَّمَا كَانَ فِتْنَةً، وَبَعْضُ النِّسَاءِ تَكُونُ صُورَتُهَا فِتْنَةً

وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِأَنَّ وِلَايَةَ الْعَبْدِ لَا تَصِحُّ وَكَذَا مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ، قَالَ سَحْنُونٌ وَلَا الْمُعْتَقِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تُسْتَحَقَّ رَقَبَتُهُ فَتَذْهَبَ أَحْكَامُ النَّاسِ بَاطِلًا، وَأَمَّا الْبُلُوغُ، فَلِأَنَّ وِلَايَةَ الصَّبِيِّ لَا تَصِحُّ لِنُقْصَانِ تَمْيِيزِهِ، وَأَمَّا الْعَدَالَةُ فَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ وِلَايَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ. قَالَ سَحْنُونٌ: مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ.

وَقَالَ أَيْضًا تَصِحُّ وَيَجِبُ عَزْلُهُ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِي الْفَاسِقِ خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، هَلْ يُرَدُّ مَا حَكَمَ فِيهِ وَإِنْ وَافَقَ الْحَقَّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَوْ يَمْضِي إذَا وَافَقَ الْحَقَّ، وَوَجْهُ الْحُكْمِ

وَأَمَّا الْعِلْمُ، فَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ وِلَايَةُ الْجَاهِلِ، قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَا الْمُقَلِّدِ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: فَيَقْضِي بِفَتْوَى مُقَلِّدِهِ بِنَصِّ النَّازِلَةِ، فَإِنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَالَ يَجِيءُ مِنْ هَذَا كَذَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْحَاكِمُ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُفْتِيَ إلَّا بِالرَّاجِحِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا جَازَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ وَأَنْ يُفْتِيَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاجِحًا عِنْدَهُ مُقَلِّدًا فِي رُجْحَانِ الْقَوْلِ الْمَحْكُومِ بِهِ - إمَامَهُ الَّذِي يُقَلِّدُهُ فِي الْفُتْيَا وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فِي الْحُكْمِ وَالْفُتْيَا فَحَرَامٌ إجْمَاعًا. قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ مُقَلِّدٍ فِي مَوْضِعٍ يُوجَدُ فِيهِ عَالِمٌ، فَإِنْ تَقَلَّدَ فَهُوَ جَائِرٌ مُتَعَدٍّ؛ لِأَنَّهُ قَعَدَ فِي مَقْعَدِ غَيْرِهِ وَلَبِسَ خِلْعَةَ سِوَاهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى فِي زَمَانِنَا هَذَا مِنْ الْمُقَلِّدِينَ مَنْ لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْدُومٍ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَأَمَّا رُتْبَةُ الِاجْتِهَادِ فَإِنَّهَا فِي الْمَغْرِبِ مَعْدُومَةً، قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015