(فصل)

وأما قوله: وليس ببدع أن يهفو عمر الى الغناء ويشرب فؤاده حبه وهو قد نشأ في بيئة غنائية فياضة بالالحان والايقاع مفعمة بحذاق المغنين والمغنيات فجوابه من وجوه. أحدها أن يقال قد ثبت عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى انه كان يذم الغناء وينكره اشد الانكار ومن كان كذلك لا يظن به انه كان يهفو الى الغناء فضلا عن ان يشرب فؤاده حبه. ومن ظن هذا بأمير المؤمنين فقد ظن به ظن السوء.

الوجه الثاني ان عمر رحمه الله تعالى قد نشأ عند ابيه ولم يعرف عن ابيه انه كان يميل الى الغناء والمغنين. وكان عمه عبد الملك شديد الذم للغناء. قال ابو يوسف حدثنا ابراهيم بن المنذر الحزامي عن ابيه ان عبد الملك بن مروان قال قبح الله الغناء ما اوضعه للمروءة واجرحه للعرض واهدمه للشرف واذهبه للبهاء.

واذا علم هذا فقول صاحب النبذة ان عمر بن عبد العزيز قد نشأ في بيئة غنائية كذب لا اصل له.

الوجه الثالث ان عمر رحمه الله تعالى كان منذ صغره حريصاً على العلم والأدب وكان قد جمع القرآن وهو صغير.

قال الزبير بن بكار حدثني العتبي قال ان أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الادب وذلك ان أباه ولي مصر وهو حديث السن يشك في بلوغه فأراد أبوه اخراجه معه الى مصر من الشام فقال يا أبت أوغير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك قال وما هو قال ترحلني إلى المدينة فأقعد الى فقهائها وأتأدب بآدابهم فعند ذلك أرسله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015