من ذلك ان بعض كبار الائمة في المدينة كان له مشاركة حسنة في هذا الفن الجميل. وهاك استمع لصاحب الاغاني يحدثك عن الامام مالك بن انس صاحب المذهب المالكي. قال حسين بن دحمان الاشقر كنت بالمدينة فخلا لي الطريق وسط النهار فجعلت اتغنى بصوت فاذا خوخة قد فتحت واذا وجه قد بدا تتبعه لحية حمراء فقال اسأت التأدية ومنعت القائلة ثم اندفع يغنيه فظننت ان طويسا قد نشر بعينه فقلت له اصلحك الله من اين لك هذا الغناء قال نشأت وانا غلام حدث اتبع المغنين وآخذ عنهم فقالت لي امي يا بني ان المغني اذا كان قبيح الوجه لم يلتفت الى غنائه فدع الغناء واطلب الفقه فانه لايضر معه قبح الوجه فتركت المغنين واتبعت الفقهاء فبلغ الله بي عز وجل ما ترى فقلت له فأعد جعلت فداءك قال لا ولا كرامة أتريد أن تقول أخذته عن مالك بن انس. واذا هو مالك بن انس ولم اعلم. قال صاحب النبذة وملاك القول ان عمر بن عبد العزيز نشأ في ظلال هذه الأريكة الفنانة وسمع بلابلها المغردة واطيارها المرنة ووهب الله له حنجرة موسيقية فشدا ولحن وتغنى وترنم.

هذا حاصل ما ذكره صاحب النبذة. ونقول وبالله التوفيق.

اما قوله ان احدا لا يماري في ان الغناء فن جميل فجوابه من وجوه. احدها ان يقال ان المعارضين لما ذكره اكثر من ان يحصيهم كتاب. وكل من تمسك بالكتاب والسنة منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم الى زماننا هذا فانه يعارض هذا القول المأفون بالرد والانكار. وامام المعارضين لهذا القول الباطل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ثبت عنه انه نهى عن المزمار والغناء وسماه الصوت الاحمق الفاجر واخبر انه صوت ملعون في الدنيا والآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015