ومن ذلك قوله: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً [البقرة: 138] ، يريد الختان، فسماه صبغة، لأن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في ماء ويقولون: هذا طهرة لهم كالختان للحنفاء، فقال الله تعالى، صِبْغَةَ اللَّهِ أي الزموا صبغة الله لا صبغة النصارى أولادهم، وأراد بها ملة إبراهيم عليه السلام.
ومنه قوله: ما لَها مِنْ فَواقٍ [ص: 15] أي ما لها من تنظّر وتمكّث إذا بدأت، ولذلك سمّاها ساعة لأنها تأتي بغتة في ساعة.
وأصل الفواق أن تحلب الناقة ثم تترك ساعة حتى يجتمع اللبن ثم تحلب فما بين الحلبتين فواق، فاستعير الفواق في موضع الانتظار.
ومنه قوله: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ [الذاريات: 59] ، أي حظّا ونصيبا.
وأصل الذّنوب: الدّلو، وكانوا يستقون الماء، فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب، فاستعير في موضع النّصيب، وقال الشاعر (?) :
إنّا إذا نازعنا شريب ... لنا ذنوب وله ذنوب
والعرب تقول: (أخي وأخوك أيّنا أبطش؟) يريدون: أنا وأنت نضطرع فنطر أيّنا أشدّ؟ فيكنى عن نفسه بأخيه، لأن أخاه كنفسه.
وقال العبديّ (?) :
أخي وأخوك ببطن النّسير ... ليس به من معدّ عريب
ويكنى عن أخيه بنفسه.