فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإنّي وقيّار بها لغريب
وقالوا في نصب (المقيمين) بأقاويل: قال بعضهم: أراد بما أنزل إليك وإلى المقيمين. وقال بعضهم: وما أنزل من قبلك ومن قبل المقيمين، وكان الكسائي يرده إلى قوله: يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ [البقرة: 4] أي: ويؤمنون بالمقيمين، واعتبره بقوله في موضع آخر: يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ أي بالمؤمنين. وقال بعضهم: هو نصب على المدح. قال أبو عبيدة (?) : هو نصب على تطاول الكلام بالنّسق، وأنشد للخرنق بنت هفّان (?) :
لا يبعدن قومي الذين هم ... سمّ العداة وآفة الجزر
النازلين بكلّ معترك ... والطيّبون معاقد الأزر
ومما يشبه هذه الحروف- ولم يذكروه- قوله في سورة البقرة: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ [البقرة: 177] . والقرّاء جميعا على نصب الصابرين إلا عاصما الجحدري فإنه كان يرفع الحرف إذا قرأه، وينصبه إذا كتبه، للعلّة التي تقدم ذكرها.
واعتل أصحاب النحو للحرف، فقال بعضهم: هو نصب على المدح، والعرب تنصب على المدح والذم، كأنهم ينوون إفراد الممدوح بمدح مجدّد غير متبع لأوّل