في الصلاة دعاء دائما، فظن أنه من القرآن، وأقام على ظنه، ومخالفة الصحابة.
وأما فاتحة الكتاب فإني أشك فيما روي عن عبد الله من تركه إثباتها في مصحفه، فإن كان هذا محفوظا فليس يجوز لمسلم أن يظنّ به الجهل بأنها من القرآن، وكيف يظنّ به ذلك وهو من أشد الصحابة عناية بالقرآن، وأحد الستة الذين الذين انتهى إليهم العلم،
و (النبيّ) صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «من أحبّ أن يقرأ القرآن غضّا. كما أنزل فليقرأه قراءة ابن أمّ عبد» (?) .
وعمر يقول فيه: كنيف ملىء علما (?) .
وهو مع هذا متقدّم الإسلام بدريّ لم يزل يسمع رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم يؤمّ بها،
وقال: «لا صلاة إلا بسورة الحمد» (?)
وهي السبع المثاني، وأم الكتاب، أي أعظمه، وأقدم ما نزل منه كما سميت مكة أم القرى لأنها أقدمها، قال الله عز وجل: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً [آل عمران: 96] .
ولكنه ذهب، فيما يظنّ أهل النظر، إلى القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان، والزيادة والنقصان، ورأى ذلك لا يجوز على سورة الحمد لقصرها ولأنها تثنى في كل صلاة وكل ركعة، ولأنه لا يجوز لأحد من المسلمين ترك تعلّمها وحفظها، كما يجوز ترك تعلم غيرها وحفظه، إذ كانت لا صلاة إلا بها.
فلما أمن عليها العلّة التي من أجلها كتب المصحف، ترك كتابتها وهو يعلم أنها من القرآن.