وكقوله عز وجل: إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ [الأنعام: 38] ، أي: أصناف، وكل صنف من الدواب والطير مثل بني آدم في المعرفة بالله، وطلب الغذاء. وتوقّي المهالك، والتماس الذّرء، مع أشباه لهذا كثيرة.
ثم تصير الأمّة: الحين، كقوله عز وجل: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ [يوسف: 45] .
وكقوله: وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ [هود: 8] . أي: سنين معدودة.
كأنّ الأمّة من الناس القرن ينقرضون في حين، فتقام (الأمّة) مقام (الحين) .
ثم تصير الأمّة: الإمام والرّباني، كقوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً [النحل: 120] . أي: إماما يقتدي به الناس، لأنه ومن اتبعه أمّة، فسمّي أمّة لأنه سبب الاجتماع.
وقد يجوز أن يكون سمّي أمّة: لأنه اجتمع عنده من خلال الخير ما يكون مثله في أمة. ومن هذا يقال: فلان أمّة وحده، أي: هو يقوم مقام أمة.
وقد تكون الأمة: جماعة العلماء، كقوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران: 104] . أي: يعلمون.
والأمّة: الدّين، قال تعالى: إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ [الزخرف: 22، 23] أي:
على دين. قال النابغة (?) :
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع؟
أي: ذو دين.
والأصل أنه يقال للقوم يجتمعون على دين واحد: أمة، فتقام الأمة مقام الدين، ولهذا قيل للمسلمين: أمّة محمد، صلّى الله عليه وسلم، لأنهم على أمر واحد، قال تعالى: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [المؤمنون: 52] . مجتمعة على دين وشريعة.
وقال الله عز وجل: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [النحل: 93] ، أي:
مجتمعة على الإسلام.
الأمان: عهد، قال الله تعالى: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ [التوبة: 4] .