وَسُئِلَ عَنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَصَرِ فِي حَالِ وُجُودِ الْإِدْرَاكِ، وَعَنْ عَدَمِ الْحَيَاةِ إِنْ كَانَتْ عَرَضًا، فِي حَالِ وُجُودِ الْعِلْمِ، فَلَا هُوَ فَرَّقَ وَلَا هُوَ رَجَعَ.

وَزَعَمَ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَفْعَلَ فِي حَالِ بُلُوغِهِ بِالْاسْتِطَاعَةِ الَّتِي أُعْطِيهَا فِي حَالِ الْبُلُوغِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ بِهَا فِي الْحَالِ الثَّانِيَةِ.

فَإِذَا قِيلَ لَهُ: فَمَتَى فَعَلَ بهَا؟ فِي الْحَالِ الَّتِي سُلبها، أَمْ فِي حَالِ الْبُلُوغِ، وَالْفِعْلُ فِيهَا عِنْدَكَ مُحَالٌ، وَقَدْ فُعِلَ بِهَا وَلَا حَالَ إِلَّا حَالُ الْبُلُوغِ؟

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ قَوْلًا مَرْغُوبًا عَنْهُ، مَعَ أَقَاوِيلَ كَثِيرَةٍ فِي فَنَاءِ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَفَنَاءِ عَذَابِ أَهْلِ النَّارِ.

تَنَاقُضُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ:

ثُمَّ نَصِيرُ إِلَى "عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ"1 وَقَدْ كَانَ وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، فَنَهَجَ -مِنْ قَبِيحِ مَذَاهِبِهِ، وَشِدَّةِ تَنَاقُضِ قَوْلِهِ- عَلَى مَا هُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ تَنَاقُضًا مِمَّا أَنْكَرُوهُ.

وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّ2 عَلَى الْاخْتِلَافِ، فَالْقَوْلُ بِالْقَدَرِ صَحِيحٌ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ، وَالْقَوْلُ بِالْإِجْبَارِ صَحِيحٌ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَهُوَ مُصِيبٌ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ رُبَّمَا دَلَّتْ عَلَى وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَاحْتَمَلَتْ مَعْنَيَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ.

وَسُئِلَ يَوْمًا؛ عَنْ أَهْلِ الْقَدَرِ وَأَهْلِ الْإِجْبَارِ3، فَقَالَ: كُلٌّ مُصِيبٌ، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ عَظَّمُوا اللَّهَ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ نَزَّهُوا اللَّهَ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأَسْمَاءِ؛ فَكُلُّ مَنْ سَمَّى الزَّانِي مُؤمنا فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015