وَجَعَلَ طَرِيقَ الْجَنَّةِ ذَاتَ الْيَمِينِ، وَأَهْلَ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ الْيَمِينِ.
وَطَرِيقَ النَّارِ ذَاتَ الشِّمَالِ، وَأَهْلَ النَّارِ أَصْحَابَ الشِّمَالِ.
وَجَعَلَ الْيُمْنَ مِنَ الْيَمِينِ، وَالشُّؤْمَ مِنَ الْيَدِ الشُّؤْمَى وَهِيَ الشِّمَالُ.
وَقَالُوا: فُلَانٌ مَيْمُونٌ وَمَشْئُومٌ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ.
تَأْوِيلُ أَكْلِ الشَّيْطَانِ:
وَلَيْسَ يَخْلُو الشَّيْطَانُ فِي أَكْلِهِ بِشِمَالِهِ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَأْكُلُ عَلَى حَقِيقَةٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْأَكْلُ تَشَمُّمًا وَاسْتِرْوَاحًا، لَا مَضْغًا وَبَلْعًا، فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ وَرُوِيَ أَنَّ طَعَامَهَا الرِّمَّةُ، وَهِيَ: الْعِظَامُ، وَشَرَابَهَا الْجَدَفُ1 وَهُوَ الرَّغْوَةُ وَالزَّبَدُ، وَلَيْسَ يَنَالُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا الرَّوَائِحَ فَتَقُومُ لَهَا مَقَامَ الْمَضْغِ وَالْبَلْعِ، لِذَوِي الْجُثَثِ، وَيَكُونُ اسْتِرْوَاحُهُ مِنْ جِهَةِ شِمَالِهِ، وَتَكُونُ بِذَلِكَ مُشَارَكَتُهُ مَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَى طَعَامِهِ، أَوْ لَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ، أَوْ وَضَعَ طَعَامًا مَكْشُوفًا فَتَذْهَبُ بَرَكَةُ الطَّعَامِ وَخَيْرُهُ.
وَأَمَّا مُشَارَكَتُهُ فِي الْأَمْوَالِ فَبِالْإِنْفَاقِ فِي الْحَرَامِ، وَفِي الْأَوْلَادِ فَبِالزِّنَا.
أَوْ يَكُونُ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ عَلَى الْمَجَازِ -يُرَادُ أَنَّ أَكْلَ الْإِنْسَانِ بِشَمَالِهِ إِرَادَةُ الشَّيْطَانِ لَهُ، وَتَسْوِيلُهُ. فَيُقَالُ لِمَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ: هُوَ يَأْكُلُ أَكْلَ الشَّيْطَانِ؛ لَا يُرَادُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ، وَإِنَّمَا يُرَادُ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْأَكْلَ الَّذِي يُحِبُّهُ الشَّيْطَانُ.
كَمَا قِيلَ فِي الْحُمْرَةِ: إِنَّهَا زِينَةُ الشَّيْطَانِ، لَا يُرَادُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَلْبَسُ الْحُمْرَةَ، وَيَتَزَيَّنُ بِهَا.
وَإِنَّمَا يُرَادُ أَنَّهَا الزِّينَةُ الَّتِي يُخَيِّلُ بهَا الشَّيْطَان2.