وَكَانَ "سَالِمٌ" عَبْدًا لِامْرَأَةِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِهَا.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ سَلْمَى مِنْ بَنِي خَطْمَةَ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ ثُبَيْتَةُ1.

وَكُلُّهُمْ مُجْمِعٌ عَلَى أَنَّهَا أَنْصَارِيَّةٌ، فَأَعْتَقَتْهُ، فَتَوَلَّى أَبَا حُذَيْفَةَ وَتَبَنَّاهُ، فَنُسِبَ إِلَيْهِ بِالْوَلَاءِ.

وَاسْتُشْهِدَ "سَالِمٌ" يَوْمَ الْيَمَامَةِ فَوَرِثَتْهُ الْمُعْتِقَةُ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقِبٌ وَلَا وَارِثٌ غَيْرَهَا.

وَهَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُ بِهِ، دَلِيلٌ على تقدم أبي حُذَيْفَة، و"سَالم" فِي الْإِسْلَامِ، وَجَلَالَتِهِمَا، وَلُطْفِ مَحَلِّهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَلَمَّا ذَكَرَتْ لَهُ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مَا تَرَاهُ فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ، مِنْ دُخُول "سَالم" عَلَيْهَا، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَى مَوْلَاتِهِ الْمُعْتِقَةُ لَهُ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهَا كَمَا يَدْخُلُ الْعَبْدُ النَّاشِئُ فِي مَنْزِلِ سَيِّدِهِ، ثُمَّ يُعْتَقُ، فَيَدْخُلُ أَيْضًا بِالْإِلْفِ الْمُتَقَدّم والتربية.

الترخيص فِي الدُّخُول لبَعض الرِّجَال بِأَسْبَاب:

وَهَذَا مَالا يُنْكِرُهُ النَّاسُ مِنْ مَثَلِ "سَالِمٍ" وَمِمَّنْ هُوَ دُونَ سَالِمٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي دُخُول من ملكهن عَلَيْهِنَّ، وَدُخُولِ مَنْ لَا إِرْبَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ، كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالطِّفْلِ، وَالْخَصِيِّ، وَالْمَجْبُوبِ، وَالْمُخَنَّثِ، وَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَبَيْنَ ذَوِي الْمَحَارِم، فَقَالَ تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015