كَأَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى، أَنْ لَا يَجْعَلَهُ مِنَ الْجَبَّارِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ، وَلَا يَحْشُرَهُ فِي زُمْرَتِهِمْ.

وَالْمَسْكَنَةُ، حَرْفٌ مَأْخُودٌ مِنَ "السُّكُونِ" يُقَالُ: "تَمَسْكَنَ الرِّجْلُ" إِذَا لَانَ وَتَوَاضَعَ، وَخَشَعَ، وَخَضَعَ.

وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُصَلِّي: "تبأس وَتَمَسْكَنْ وَتُقَنِّعْ رَأْسَكَ" 1.

يُرِيدُ: تَخَشَّعْ، وَتَوَاضَعْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بِي الْمِسْكِينَ2 نَزَلَ الْأَمْرُ، لَا يُرِيدُونَ مَعْنَى الْفَقْرِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ مَعْنَى الذِّلَّةِ وَالضَّعْفِ.

وَكَذَلِكَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَيْلَةَ: "يَا مِسْكِينَةُ " لَمْ يُرِدْ: يَا فَقِيرَةُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ، مَعْنَى الضَّعْفِ.

وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا أَقُولُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْ كَانَ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسْكَنَةَ، الَّتِي هِيَ الْفَقْرُ، لَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ مَنَعَهُ مَا سَأَلَهُ، لِأَنَّهُ قَبَضَهُ غَنِيًّا مُوسِرًا، بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَضَعْ دِرْهَمًا عَلَى دِرْهَمٍ.

وَلَا يُقَالُ لِمَنْ تَرَكَ مِثْلَ بَسَاتِينِهِ بِالْمَدِينَةِ، وأمواله، وَمثل فدك: إِنَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015