وَكَيْفَ يُظَنُّ بِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ يَقِفُ فِي خِيَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَالَّذِينَ شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ، فَلَا يَخْتَارُ مِنْهُمْ، وَيَجْعَلُ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَهُمْ، وَلَا يَتَخَالَجُهُ الشَّكُّ فِي تَوْلِيَتِهِ سَالِمًا عَلَيْهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟
هَذَا خَطَأٌ مِنَ الْقَوْلِ، وَضَعْفٌ فِي الرَّأْيِ.
وَلَكِنَّ عُمَرَ لَمَّا جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ، ارْتَادَ لِلصَّلَاةِ مَنْ يَقُومُ بِهَا أَنْ يَخْتَارُوا الْإِمَامَ مِنْهُمْ وَأَجَّلَهُمْ فِي الِاخْتِيَارِ ثَلَاثًا، وَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ1 ابْنَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ، فَذَكَرَ سَالِمًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ حَيًّا، مَا تَخَالَجَنِي فِيهِ الشَّكُّ.
وَذَكَرَ الْجَارُودَ الْعَبْدِيَّ فَقَالَ: "لَوْ كَانَ أُعَيْمِشُ بَنِي عَبْدِ الْقَيْسِ حَيًّا، لَقَدَّمْتُهُ".
وَقَوْلُهُ: "لَقَدَّمْتُهُ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ فِي سَالِمٍ مِثْلَ ذَلِكَ، مِنْ تَقْدِيمِهِ لِلصَّلَاةِ بِهِمْ.
ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ فَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ، إِلَى أَنْ يَتَّفِقَ الْقَوْمُ، على اخْتِيَار رجل مِنْهُم2.