وَإِنَّمَا يَعْمَلُ فِي نَفْسِهِ بِالرُّخْصَةِ، مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، لِيَدُلَّ بِذَلِكَ النَّاسَ عَلَى جَوَازِهَا.
فَأَمَّا أَنْ يَدُومَ عَلَى الْأَمْرِ الْأَخَسِّ، وَيَتْرُكَ الْأَوْكَدَ وَالْأَفْضَلَ، فَذَلِكَ مَا لَا يَجُوزُ.
فَلَمَّا شَكَا إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ الرَّمْضَاءَ، وَأَرَادُوا مِنْهُ التَّأْخِيرَ إِلَى أَنْ يَسْكُنَ الْحُرُّ، لَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، إِذْ كَانُوا مَعَهُ.
ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِبْرَادِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ، تَوْسِعَةً عَلَى أُمَّتِهِ، وَتَسْهِيلًا عَلَيْهِمْ.
وَكَذَلِكَ تَغْلِيسُهُ بِالْفَجْرِ، وَقَوْلُهُ: "أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ" 1.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ لِلزَّوَالِ، وَلَا يُؤَخِّرُهَا، حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عُلَيَّةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يُصَلِّي الْهَجِيرَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْأُولَى، حِينَ تَدْحَضُ2 الشَّمْسُ" يَعْنِي: حِين تَزُول.