وَحَدَّثَنِي الرِّيَاشَيُّ1 قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ: قَالَ سَأَلت بن عَوْنٍ عَنِ الْفَأْلِ فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، فَيُسْمَعَ "يَا سَالِمُ" أَوْ يَكُونَ بَاغِيًا2 فَيُسْمَعُ "يَا وَاجِدُ".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:

وَهَذَا أَيْضًا، مِمَّا جُعِلَ فِي غرائز النَّاس تستحبه وتأنس بِهِ، كَمَا جُعِلَ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ التَّحِيَّةِ بِالسَّلَامِ، وَالْمَدِّ فِي الْأُمْنِيَةِ، وَالتَّبْشِيرِ بِالْخَيْرِ.

وَكَمَا يُقَالُ: "انْعَمْ وَاسْلَمْ" وَ"انْعَمْ صَبَاحًا" وَكَمَا تَقُولُ الْفُرْسُ: "عِشْ أَلْفَ نوروز".

وَالسَّامِعُ لِهَذَا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ وَلَا يُؤَخِّرُ، وَلَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وَلَكِنْ جُعِلَ فِي الطِّبَاعِ مَحَبَّةُ الْخَيْرِ وَالْارْتِيَاحُ لِلْبُشْرَى، وَالْمَنْظَرِ الْأَنِيقِ، وَالْوَجْهِ الْحَسَنِ، وَالْاسْمِ الْخَفِيفِ.

وَقَدْ يَمُرُّ الرَّجُلُ بِالرَّوْضَةِ الْمُنَوِّرَةِ3 فَتَسُرُّهُ، وَهِيَ لَا تَنْفَعُهُ، وَبِالْمَاءِ الصَّافِي فَيُعْجَبُ بِهِ4 وَهُوَ لَا يَشْرَبُهُ وَلَا يُورِدُهُ5.

وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ يُعْجَبُ بِالْأُتْرُجِّ، وَيُعْجِبُهُ الْحَمَامُ الْأَحْمَرُ"6.

"وَتُعْجِبُهُ الْفَاغِيَةُ"7 وَهِيَ نَوْرُ الْحِنَّاءِ.

وَهَذَا مِثْلُ إِعْجَابِهِ بِالْاسْمِ الْحَسَنِ، وَالْفَأْلِ الْحَسَنِ.

وَعَلَى مِثْلِ هَذَا، كَانَتْ كَرَاهَتُهُ لِلْاسْمِ الْقَبِيحِ، كَـ"بَنِي النَّارِ" وَ"بَنِي حِرَاقٍ" وَ"بَنِي زِنْيَةٍ" وَ"بَنِي حزن" وَأَشْبَاه هَذَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015