تَفْسِيرُهُمُ الْقُرْآنَ:
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَفَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِأَعْجَبِ تَفْسِيرٍ، يُرِيدُونَ أَنْ يَرُدُّوهُ إِلَى مَذَاهِبِهِمْ، وَيَحْمِلُوا التَّأْوِيلَ عَلَى نِحَلِهِمْ.
فَقَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} 1 أَيْ عِلْمُهُ، وَجَاءُوا عَلَى ذَلِكَ بِشَاهِدٍ لَا يُعْرَفُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ.
وَلَا يُكَرْسِئُ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ
كَأَنَّهُ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَعْلَمُ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوق.
والكرسي غير مَهْمُوز، و"يكرسئ" مَهْمُوزٌ، يَسْتَوْحِشُونَ أَنْ يَجْعَلُوا لِلَّهِ تَعَالَى كُرْسِيًّا، أَوْ سَرِيرًا، وَيَجْعَلُونَ الْعَرْشَ شَيْئًا آخَرَ.
وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُ الْعَرْشَ إِلَّا السَّرِيرَ، وَمَا عُرِشَ مِنَ السُّقُوفِ وَالْآبَارِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} 2 أَيْ: عَلَى السَّرِيرِ.
وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ3 يَقُولُ:
مَجِّدُوا اللَّهَ وَهُوَ لِلْمَجْدِ أَهْلٌ ... رَبُّنَا فِي السَّمَاءِ أَمْسَى كَبِيرًا
بِالْبِنَاءِ الْأَعْلَى الَّذِي سَبَقَ النَّاسَ ... وَسَوَّى فَوْقَ السَّمَاءِ سَرِيرًا
شَرْجَعًا4 مَا يَنَالُهُ بَصَرُ الْعَيْنِ ... تَرَى دُونَهُ الْمَلَائِكَ صُوَرًا5
وَقَالَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} 6، إِنَّهَا هَمَّتْ بِالْفَاحِشَةِ، وَهَمَّ هُوَ بِالْفِرَارِ مِنْهَا أَوِ الضَّرْبِ لَهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى