وأما قوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (?) فهو محتمل، لأن العلماء اختلفوا في العاكفين هل هم المعتكفون أم أهل مكة أم الجالسون فيه من غير طواف ولا صلاة (?) ، وهذه المعاني متقاربة ومحتملة لأن لفظ الاعتكاف يحتملها في اللغة.
فتبقى تلك الآية هي المتفق على أن المراد بالاعتكاف المذكور فيها هو الاعتكاف الشرعي.
مناسبة الآية لما قبلها:
لما أباح الله لعباده الرفث إلى النساء ومباشرتهن ليالي الصيام فقال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} (?) حصص من هذا العموم المعتكفين في المساجد بأنهم ممنوعون من هذه الرخصة فقال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (?) ثم بيّن أن هذه الأحكام