تاملات (صفحة 172)

فأنا إذن حينما أحاول التخطيط لحضارة فليس علي أن أفكر في منتجاتها، وإنما في أشياء ثلاثة: في الإنسان والتراب والوقت. فحينما أحل هذه المشاكل الثلاثة حلا علميا، بأن أبني الإنسان بناء متكاملاً، وأعتني بالتراب والزمن فإنني حينئذ قد كونت المجتمع الأفضل، كونت الحضارة التي هي الإطار الذي فيه تتم للفرد سعادته، لأنه يقدم له الضمانات الكافية الاجتماعية والسلام عليم ورحمة الله وبركاته.

وبعد أن انتهى الأستاذ من المحاضرة وجه إليه سؤالان:

س 1:- ماذا نأخذ من الحضارة، وماذا ندع حتى نستطيع النهوض؟

ج: إنه ليس من شك في أننا لا نستطيع أن نعيش منعزلين عن العالم. فحينما نقول: إنه ينبغي أن نوجه أبحاثنا إلى هذه العناصر الثلاثة التي بها تبنى الحضارة، فإن هذا لا يعني أن ندع ما انتهى إليه الآخرون لنبدأ الطريق من أوله.

إن علينا أن نأخذ من الحضارة الغربية الأدوات التي نحتاجها في بناء حضارتنا. فإذا لم نكن نستطيع صنع الآلات مثلاً فعلينا أن نستورد هذه الآلات من الخارج، حتى يأتي يوم نستطيع فيه الاستغناء عنها بمنتجاتنا.

على أنه إذا كان من العبث أن أركب الجمل في العصر الذي انتشرت فيه السيارات، فإنه من العبث الأكبر والتبذير للأموال، أن أقتني أفخر السيارات وأعظمها، لأنه لا حاجة بي إلى هذا النوع من السيارات، طالما أستطيع الاكتفاء بأقل منها درجة. فنحن في مرحله البناء ينبغي لنا أن نقتصد في إمكانياتنا حتى نستخلص منها أقصى ما نستطيع من فائدة.

ولكننا اليوم في صلتنا بالحضارة لا نضع هذه القاعدة في حسابنا، ولذلك فإن علاقتنا بالحضارة الغربية لن تستطيع أن تأتينا بالحضارة، طالما وجد في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015