تاملات (صفحة 141)

سادتي:

ما هي الثقافة؟

إنني حينما أضع أمام عيني هذا السؤال فإن كثيرا من التجارب التي مرت بي، والذكريات التي سجلتها في حياتي تمر بخاطري. ذلك أن هذه الخواطر الذاتية هي التي تحدد موقفي أمام هذا السؤال. ولعلي في هذا الاعتراف أبدو أمام المستمعين الكرام، وكأنني أقف من المشكلة موقفاً غير موضوعي. ولكنني في الواقع أرى أن موقفي سوف يكون أقل موضوعية، حينما أحدده بأشياء خارجة عن نطاق حياتي وعن مجال تجربتي الشخصية.

لقد خصصت كتاباً لدراسة هذا الموضوع نفسه، ولم تكن المصادفة هي التي جعلتني أهتم بمثل هذا الموضوع، ولكن بعض الظروف التي لا أرى من المبالغة وصفها بأنها مرة هي التي أثارته في نفسي. فلقد كنت قبل أن أكتب عن الثقافة قد كتبت في مواضيع أخرى، منها خاصة كتاب عن (الظاهرة القرآنية) كتبت بهذا العنوان، وتمنيت لو ترجمته إلى العربية لسببين: أولهما أنني وجهته للشباب المسلم المتعرض لبعض الأفكار الهدأمة، وكنت أقدر أنه لن يصل إليه فعلا ما لم يترجم إلى العربية. وثانيهما أنني كنت أريد ذلك من أجل تحصين الكتاب نفسه، لأن بعض الظروف التي لا مجال لشرحها هنا كانت تقتضي مثل هذا التحصين حتى لا يضيع الكتاب بعد موت الكاتب.

فهذان السببان قد جعلاني أبحث عن وسيلة الترجمة في بلاد كل وسائلها، إما

في يد الإستعمار، وإما هي في يد من لا يحسن التصرف فيها.

ولقد بعثني هذا كله، أن أقدم كتابي إلى بعض الشخصيات في العالم العربي الإسلامي، لعله يكون في إحدى هذه الشخصيات من يقوم بإنجاز الترجمة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015