حينئذ حاضر، له قدرة فيما يقدر عليه ذلك اليوم، ويقدر على ذلك كما هو في حال الحياة الدنيا، كما كان يرمي العدو وهم ألوف بكف من تراب فيعميهم، ويروي الألوف العطاش ويشبعهم بقليل من الماء والطعام، وفي الحديث: "إنكم تتهافتون في النار تهافت الفراش، وأنا آخذ بحجزكم لئلا تقعوا فيها" (?) . وأعظم من هذا أن الله نسب إخراج الكفار من النور إلى الظلمات إلى الطاغوت وهي الأصنام، مع أنها لا قدرة له بوجه، لكن لما كانت سببا للإخراج نسب الإخراج إليها وكذلك هنا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم سببا للإنقاذ من العذاب نسب الإنقاذ إليه. وفي دعاء الاستسقاء "اللهم أغثنا غيثا مغيثا" (?) قالوا: معناه منقذا من الشدة، مع أن الغيث جماد لا قدرة له، لكن لما كان سببا للإنقاذ والإغاثة نسب الإنقاذ إليه، وقد اشتهر عند العلماء أنبت الربيع البقل ومنع البقاء تقلب الشمس، مع أن المنبت في الحقيقة هو الله والمانع للبقاء هو الله، وقال: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص:15] . مع أن القضاء من الله، وقال في حق نبيه: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف:157] مع أن الواضع هو الله، لكن لما كان سببا للفعل نسب الفعل إليه، بل جميع الأفعال تنسب إلى فاعلها فيقال: فلان أعطي وفلان منع، وفلان نفعني وفلان ضرني، ويلزم على قول هذا ألا تنسب الأفعال إلى فاعلها ولا قائل به. قال: وورد نسبة الإنقاذ من النار إلى