كانت لهم حاجة قصدوا القبور فدعوا عندها وتمسحوا بها، فضلا عن أن يصلوا عندها أو يسألوا الله بأصحابها أو يسألوهم حوائجهم؟ فليوقفونا على أثر واحد أو حرف واحد في ذلك، بل يمكنهم أن يأتوا عن الخلوف التي خلفت بعدهم بكثير من ذلك، وكلما تأخر الزمان وطال العهد كان أكثر، حتى لقد وجد في ذلك عدة مصنفات ليس فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين ولا عن أصحابه حرف واحد من ذلك، بل فيها من خلاف ذلك كثير كما قدمناه في الأحاديث المرفوعة - قال -1 ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله وما عليه أهل الشرك والبدع اليوم في هذا الباب وغيره علم أن بين السلف وبين هؤلاء الخلف من البعد أبعد مما بين المشرق والمغرب وأنهم على شيء والسلف على شيء كما قيل:

سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب

والأمر - والله - أعظم مما ذكرنا.

وقد ذكر البخاري في صحيحه عن أم الدرداء قالت: دخل علي أبو الدرداء مغضبا. فقلت: مالك؟ فقال: والله ما أعرف فيهم من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعا2.

وروى مالك في الموطأ عن عمر أبي سهيل3 بن مالك عن أبيه أنه قال: ما أعرف شيئا مما أدكت عليه الناس إلا النداء بالصلاة. يعني الصحابة رضي الله عنهم4.

وقال الزهري: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي فقلت ما يبكيك؟ فقال: ما أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015