جاز أن يطلب منه بعد الموت، ومن منع فعليه الدليل، وعلى قولكم أن الطلب عبادة يقتضي ألا فرق بين الحياة والممات انتهى.
أما إستدلاله بطلب الصحابة منه في حياته أن يدعوا لهم، ولم ينكر عليهم ولم يقل أنتم أشركتم، فهذا من المغالطة والترويج على الجهال، يقول إذا أنكرتم طلب الدعاء منه بعد موته لزمكم ألا تجيزوا1 طلب الدعاء منه في حياته!! وإذا قلتم إنه لا يشفع في الآخرة إلا من بعد إذن الله له لزمكم القول إنه لا يدعوا لأحد في الدنيا إلا من بعد إذن الله له في ذلك2!!
ويقول: لما ثبت أن الصحابة يطلبون الدعاء منه في حياته فكذلك يجوز بعد موته.
ويقول: إذا كان يدعوا لهم بغير إذن الله في ذلك جاز أن يشفع لهم في الآخرة بغير إذن الله له هذا حقيقة كلامه.
فيقال لهذا: وهل يقول أحد أنه لا يجوز طلب الدعاء منه في حياته صلى الله عليه وسلم أومن غيره؟ فلا يقول هذا أحد، فقد كان أصحابه يطلبون منه أن يدعو لهم ويستسقي لهم ويستنصرلهم ويستغفر لهم، وأمره الله بذلك فقال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد:19] . وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء:64] فدعاؤه صلى الله عليه وسلم من أعظم الوسائل إلى مطلوبهم وقال صلى الله عليه وسلم لعمر لما استأذنه في العمرة "أشركنا يا أخي في دعائك"3 وما زال المسلمون يطلب بعضهم من بعض الدعاء قال تعالى: