تربية عملية وتوجيه للنبى صلّى الله عليه وسلم ولأمته أن تكون صلتهم بما نزل إليهم مستمرة فبهذا الذكر حياتهم، وعطاء القرآن الكريم لهم عطاء متجدد ومستمر فعليهم أن يتعاهدوه بالترتيل والتدبر لينتفعوا به، ولتقوى به نفوسهم.

ومن المدعمات كذلك وضوح الرؤية أمام الإنسان ليقدر الأمور على حقيقتها وليهيئ نفسه على حجمها، ولا يفاجأ بما لم يحسب له حسابا: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) وقيل فى هذا الوصف خمسة أقوال: أحدها: أنه يسمى ثقيلا لما كان النبى صلّى الله عليه وسلم يلقاه من الشدة عند نزول الوحى عليه، حتى أن جبينه ليتفصد عرقا فى اليوم الشديد البرد، وقد كان يثقل جسمه- عليه الصلاة والسلام- بذلك حتى إذا أوحى إليه وهو على ناقته بركت به، وأوحى إليه وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فكادت أن ترض فخذ زيد. الثانى: أنه ثقيل على الكفار بإعجازه ووعيده. الثالث: أنه ثقيل فى الميزان. الرابع: أنه كلام له وزن ورجحان. الخامس: أنه ثقيل لما تضمن من التكاليف والأوامر والنواهى، وهذا الوجه الأخير اختيار ابن عطية «1».

ومن دعائم بناء النفس المسلمة وضع الأمور فى مواضعها فالنهار مجال للتصرف فى الأشغال، والليل للسكن والعبادة الصافية.

ومن المدعمات ذكر الله سبحانه، فبه تطمئن القلوب، وتقوى العزائم، ويتجدد الأمل، وفيه التبتل وهو الانقطاع إلى الله، والإنابة إليه أى تخليص القلب من التعلق بالخلائق رغبة ورهبة وعملا.

وفيها التوكل على الله وتفويض الأمر كله إليه؛ فهو الحافظ والمدبر للأمور كلها: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9).

ومنها الصبر على أذى الأعداء فى أقوالهم وأفعالهم، فلا تتأثر النفس بقول العدو ولا ينبغى أن يؤثر فيها.

ومنها الهجر الجميل للعدو، حيث اقتضت المصلحة الهجر الذى لا أذية فيه بل يعاملهم بالهجر والإعراض عن أقوالهم التى تؤذيه، ويستمر فى دعوتهم وجدالهم بالتى هى أحسن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015