وَعَن شَقِيق عَن شيبَة يَعْنِي ابْن عُثْمَان قَالَ: قعد عمر بن الْخطاب فِي مَقْعَدك الَّذِي أَنْت فِيهِ فَقَالَ: لَا أخرج حَتَّى أقسم مَال الْكَعْبَة. قلت: مَا أَنْت بفاعل؟ قَالَ: بلَى لَأَفْعَلَنَّ. قلت: مَا أَنْت بفاعل. قَالَ: لم؟ قلت: لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مَكَانَهُ هُوَ وَأَبُو بكر وهما أحْوج مِنْك إِلَى المَال فَلم يحركاه فَقَامَ فَخرج. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِي بِهَذَا اللَّفْظ، وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ بِنَحْوِهِ، وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ عَن أبي وَائِل قَالَ: جَلَست مَعَ شيبَة على الْكُرْسِيّ فِي الْكَعْبَة فَقَالَ: لقد جلس هَذَا الْمجْلس عمر فَقَالَ: لقد هَمَمْت أَن لَا أدع فِيهَا صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا قسمته. قلت إِن صاحبيك لم يفعلا. قَالَ: هما المرءان أقتدي بهما. قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ: لما أخبر شيبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر لم يتعرضا لِلْمَالِ، رأى عمر أَن ذَلِك الصَّوَاب وَكَأَنَّهُ رأى حِينَئِذٍ أَن مَا جعل فِي الْكَعْبَة يجْرِي مجْرى الْوَقْف عَلَيْهَا فَلَا يجوز تَغْيِيره، أَو رأى ذَلِك تورعاً حِين أخبر أَنه تَركه صَاحِبَاه مَعَ رُؤْيَته جَوَاز إِنْفَاقه فِي سَبِيل الله؛ لِأَن صَاحِبيهِ إِنَّمَا تركاه للْعُذْر الَّذِي تضمنه حَدِيث عَائِشَة. انْتهى. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وَذكروا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد فِي الجبّ الَّذِي كَانَ فِي الْكَعْبَة سبعين ألف أُوقِيَّة من الذَّهَب مِمَّا كَانَ يهدى للكعبة للبيت. وَأَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا رَسُول الله لَو استعنت بِهَذَا المَال على حربك فَلم يحركه، ثمَّ ذكر لأبي بكر فَلم يحركه. وَعَن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: حَدثنِي بعض الحجبة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَمِائَة أَن ذَلِك المَال بِعَيْنِه فِي خزانَة الْكَعْبَة ثمَّ لَا أَدْرِي مَا حَاله بعد. قَالَ الْأَزْرَقِيّ: وحَدثني جدي وَغَيره من مَشَايِخ أهل مَكَّة وَبَعض الحجبة أَن الْحُسَيْن بن عَليّ الْعلوِي عمد إِلَى خزانَة الْكَعْبَة فِي سنة مِائَتَيْنِ فِي الْفِتْنَة حِين أَخذ الطالبيون مَكَّة، فَأخذ مِمَّا فِيهَا مَالا عَظِيما وَنَقله إِلَيْهِ وَقَالَ: مَا تصنع بِهَذَا المَال، مَوْضُوعا لَا