وَيدخل الْبَيْت من هَذَا الْبَاب وَيخرج من الْبَاب الغربي وأبوابه لاصقة بِالْأَرْضِ، حَتَّى قتل ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ وَدخل الْحجَّاج مَكَّة وَكتب كتابا إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان: أَن ابْن الزبير زَاد فِي الْبَيْت على مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة. فَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك بن مَرْوَان: أَن سد بَابهَا الغربي الَّذِي فَتحه ابْن الزبير، واهدم مَا كَانَ زَاد فِيهَا من الْحجر، واكبسها بِهِ على مَا كَانَت عَلَيْهِ. فهدم الْحجَّاج مِنْهَا سِتَّة أَذْرع وشبراً مِمَّا يَلِي الْحجر، وبناها على أساس قُرَيْش الَّذِي كَانَت استقصرت عَلَيْهِ، وكبسها بِمَا كَانَ هدم مِنْهَا، وسد الْبَاب الَّذِي فِي ظهرهَا، وَترك سائرها وَلم يُحَرك مِنْهُ شَيْئا، فَكل شَيْء فِيهَا بِنَاء ابْن الزبير إِلَّا الْجِدَار الَّذِي فِي الْحجر فَإِنَّهُ بِنَاء الْحجَّاج، وسد الْبَاب الَّذِي فِي ظهرهَا وَمَا تَحت عتبَة الْبَاب الشَّرْقِي الَّذِي يدْخل مِنْهُ الْيَوْم إِلَى الأَرْض أَرْبَعَة أَذْرع وشبر، كل هَذَا بِنَاء الْحجَّاج، والدرجة الَّتِي فِي بَطنهَا الْيَوْم والبابان اللَّذَان عَلَيْهِمَا الْيَوْم هما أَيْضا من عمل الْحجَّاج فَلَمَّا فرغ الْحجَّاج من هَذَا كُله وَفد بعد ذَلِك الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي على عبد الْملك بن مَرْوَان، فَقَالَ لَهُ عبد الْملك: مَا أَظن ابْن الزبير سمع من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا كَانَ يزْعم أَنه سمع مِنْهَا فِي أَمر الْكَعْبَة. فَقَالَ الْحَارِث: أَنا سمعته من عَائِشَة. قَالَ: سَمعتهَا تَقول مَاذَا؟ قَالَ: سَمعتهَا تَقول: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن قَوْمك استقصروا فِي بتاء الْبَيْت، وَلَوْلَا حَدَاثَة عهد قَوْمك بالْكفْر أعدت فِيهِ مَا تركُوا، فَإِن بدا لقَوْمك أَن يبنوه فهلمي لأريك مَا تركُوا مِنْهُ " فأراها قَرِيبا من سبع أَذْرع. وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَجعلت لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ على الأَرْض، بَابا شرقياً يدْخل النَّاس مِنْهُ، وباباً غربياً يخرج النَّاس مِنْهُ ". قَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان: أَنْت سَمعتهَا تَقول هَذَا. قَالَ: نعم. فَجعل ينكت مُنَكسًا بقضيب فِي يَده سَاعَة طَوِيلَة ثمَّ قَالَ: وددت وَالله أَنِّي كنت تركت ابْن الزبير وَمَا تحمل من ذَلِك. قَالَ ابْن جريج: وَكَانَ الْبَاب الَّذِي عمله ابْن الزبير طوله فِي السَّمَاء أحد عشر ذِرَاعا، فَلَمَّا كَانَ الْحجَّاج نقص من الْبَاب أَربع أَذْرع وشبراً، وَعمل لَهَا هذَيْن الْبَابَيْنِ وطولهما سِتَّة أَذْرع وشبر، فَلَمَّا كَانَ فِي خلَافَة الْوَلِيد بن عبد الْملك بعث إِلَى واليه على